أحسن ما أذكر من أوقاته ... وخير ما أنعت من لذاته
بروزنا للصيد فيه والقنص ... وحوزنا من مره أحلى الفرص
وأخذنا الوحش من المسارب ... وفعلنا في الطير فوق الواجب
لما دنا زمان رمي البندق ... سرنا على وجه السرور المشرق1
في عصبة عادلة في الحكم ... وغلمة مثل بدور التم2
من كل مبعثوث إلى الأطيار ... تظله غمامة الغبار
قد حمد القوم به عقب السفر ... عند اقتران القوس منه بالقمر
لولا حذار القوس من يديه ... لغنت الورق على عطفيه
في كف محنية الأوصال ... قاطعة الأعمار كالهلال
زهراء خضراء الإهاب معجبه ... مما ثوت بين الرياض المعشبة3
فاغرة الأفواه للأطيار ... طالبة لهن بالأوتار
كأنها بين المياه نون ... أو حاجب بما تشا مقرون
لها بنات بالمنى معذوقه ... من طينة واحدة مخلوقة4
سامعة لما تشير الأم ... مع أنها مثل الحجار صم
كأنها والطير منها هارب ... خلف الشياطين شهاب ثاقب
واهًا لها شبه كرات تخطف ... شاهدة بالعزم وهي تقذف
حتى نزلنا بمكان مونق ... إخوان صدق أحدقوا بالملق5
فيا له في الحسن من محل ... مراد جد ومراد هزل
للطير في مياهه مواقع ... كأنها من ولها فواقع6
فلم نزل في منزل كريم ... نروي حديث الرمي عن قديم
حتى طوى الأفق رداء الورس ... والتهم المغرب قرص الشمس7
وابتدر القوم إلى المراصد ... من ساهر ليل التمام ساهد
كالليث يسطو كفه بأرقم ... والبدر يرمي في الدجا بأسهم8