ويطربني، من رقائق انسجاماته الغرامية، قوله:
تعلم في مرافقه النديم ... مطاوعة الأراكة للنسيم1
وعاشره بأخلاق فإني ... وحقك عبد رق للنديم2
أعطايه أحاديث وكأسي ... فأسكر بالحديث وبالقديم3
ولي عند الأحبة قلب صب ... صحيح الود في جسد سقيم
أقام وسافر السلوان عنه ... فلا اجتمع المسافر بالمقيم
وقد أوردت هنا ما أمكن من جهد الطاقة، في باب الانسجام الغرامي وبديع بيوته، وقد تقدم قولي أني أخرت فيه المتقدم، وقدمت المتأخر عصرا، لئلا ينفرط سلكه وتذهب لذته، فإن الانسجام يدخل في الأبوب الغرامية وفي غيرها، ولكنه يوجد فيها أكثر، لعذوبتها وارتياح الخواطر إليها، لا سيما غراميات العافين، مثل الشيخ شرف الدين بن الفارض وغيره.
ومما يستظرف في باب الانسجام، من الطرائق الغرامية الغريبة، قول عبد المحسن الصوري:
وأخر مسه نزولي بقرح ... مثل ما مسني من الجوع قرح
بت ضيفا له كماحكم الدهـ ... ـر وفي حكمه على الحر قبح
فابتداني يقول وهو من السكـ ... ـرة بالهم طافح ليس يصحو
لم تغربت قلت قال رسول الله ... والقول منه نصح ونجح
سافروا تنغمو فقال وقد قا ... ل تمام الحديث صوموا تصحوا
ومن الانسجام المطرب قول مروان بن أبي حفصة:
مسحت ربيعة وجه معن سابقا ... لما جرى وجرى ذوو الأحساب
من الانسجام المرقص قول أبي نواس:
فتشمت في مفاصهلم ... كتمشي البرء في السقم4