الانسجام في الشعر:

انتهى ما أوردته من الانسجام المنثور، وأما الانسجام في النظم، قد تقدم وتقرر أن أصحاب المذهب الغرامي هم سكان بيوته العامرة، وكناس1 آرامه التي هي غير نافرة. ولكن العرب على كل تقدير ملوك هذا الشأن، وقلائد هذا العقيان. وقد عنَّ لي أن أذكر، هنا، ما فرّوا به من وعر التركيب وشروعه في أبياتهم على سهل الانسجام، وأركض في أثر هذه الأبيات بسوابق الفحول، فإنها أبيات لها حرمة وذمام، وأعرّج بعد ذلك على البيوت الغرامية، وأتنسم أخبار الهوى من بين تلك الخيام، فمن الانسجام الذي وقع للعرب، وكاد أن يسيل رقة لسهولته، قول امرئ القيس في معلقته:

أغرَّك مني أن حبك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل

وقوله من غير المعلقة:

أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريب للغريب نسيب

ومثله، في الانسجام والرقة، قول طرفة بن العبد في معلقته:

فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي ... فدعني أبادرها بما ملكت يدي2

ومثله قوله منها:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على الحر من وقع الحسام المهند3

ومثله قوله منها:

فإن مت فانعيني بما أنا أهله ... وشقي عليَّ الجيب يا أم معبد4

طور بواسطة نورين ميديا © 2015