ومن التشابيه العقم التي لم يسبق صاحبها إليها، قول القائل في أحدب:
قصرت أخادعه وغاب قذاله ... فكأنه مترقب أن يصفعا
وكأنه قد ذاق أول صفعة ... وأحس ثانية لها فتجمعا1
ومما ينسب إلى إمام هذه الصناعة، القاضي الفاضل، قوله في نفسه، وهو في غاية الظرف:
ما كان يكمل حر ذا ... الإيوان حتى ازداد قبه2
فكأنني فيه خرو ... ف شوى ومن فوقي مكبه3
ويعجبني من التشابيه البليغة قول القائل:
أأميم لو شاهدت يوم نزالنا ... والخيل تحت النقع كالأشباح4
تطفو وترسب في الدماء كأنها ... صور الفوارس في كئوس الراح
ومثله في الحسن قول الناشئ:
في كأسها صور تظن لحسنها ... عربًا برزن من الحجال وغيدا
وإذا المزاج أثارها فتقسمت ... ذهبًا ودرًا توأمًا وفريدا
فكأنهن لبسن ذاك مجاسدًا ... وجعلن ذا لنحورهن عقودا5
هذا المعنى ولده الناشئ، من قول أبي نواس في التصوير:
بنينا على كسرى سماء مدامة ... مكللة حافاتها بنجوم
فلو رد في كسرى بن ساسان روحه ... إذًا لاصطفاني دون كل نديم