ذكر التوشيع:

ووشع العدل منه الأرض فاتشحت ... بحلة الأمجدين العهد والذمم

التوشيع: مأخوذ من الوشيعة وهي الطريقة الواحدة في البرد المطلق، فكأن الشاعر أهمل البيت إلا آخره، فإنه أتى فيه بطريقة تعد من المحاسن، وهو عند أهل هذه الصناعة عبارة عن أن يتكلم المتكلم أو الشاعر باسم مثنى في حشو العجز، يأتي بعده باسمين مفردين هما عين ذلك المثنى، يكون الآخر منهما قافية بيته أو سجعة كلامه، كأنهما تفسير له. وقد جاء من ذلك في السنة الشريفة ما لا يلحق بلاغته، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: يشيب المرء وتشب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل، ومن أمثلة هذا الباب في النظم قول الشاعر:

أمسي وأصبح من تذكاركم وصبا ... يرثي لي المشفقان الأهل والولد1

قد خدد الدمع خدّي من تذكركم ... واعتادني المضنيان الوجد والكمد

وغاب عن مقلتي نومي لغيبتكم ... وخانني المسعدان الصبر والجلد

لا غرو للدمع أن تجري غواربه ... وتحته المظلمان القلب والكبد2

كأنما مهجتي شلو بمسبعة ... ينتابها الضاريان الذئب والأسد3

لم يبق غير خفي الروح في جسدي ... فدى لك الباقيان الروح والجسد

هذه الأبيات عامرة بالمحاسن، في هذا الباب، غير أن أهل النقد الصحيح ما سكتوا عن تقصيره في البيت الأول، حيث قال فيه: يرثي لي المشفقان الأهل والولد. فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015