توشيحهم بملا تلك الشعور إذا ... لفوه طيا يعرفنا بنشرهم
اتفق علماء البديع على أن التوشيح: أن يكون معنى أول الكلام دالًا على لفظ آخره، ولهذا سموه التوشيح فإنه ينزل فيه المعنى منزلة الوشاح، وينزل أول الكلام وآخره منزلة محل الوشاح من العاتق والكشح اللذين يجول عليهما الوشاح، وهذا النوع فرَّعه1 قدامة من ائتلاف القافية، مع ما يدل عليه سائر البيت، وقال فيه: التوشيح هو أن يكون في أول البيت معنى، إذا فهم فهمت منه قافية البيت، بشرط أن يكون المعنى المقدم بلفظه، من جنس معنى القافية بلفظه.
وأورد ابن أبي الأصبع في "تحرير التحبير" من أعظم الشواهد على هذا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} 2 فإن في معنى اصطفاء المذكورين، ما يعلم منه الفاصلة، لأن المذكورين نوع من جنس العالمين.
ومن الأمثلة الشعرية، قول الراعي النميري:
فإن وزن الحصى ووزنت قومي ... وجدت حصى ضريبتهم رزينا3
فإن السامع إذا فهم أن الشاعر أراد المفاخرة برزانة الحصى، وتحقق أن القافية