لأن حلمك حلم لا تكلفه ... ليس التكحل في العينين كالكحل1
وما ثناك كلام الناس عن كرم ... ومن يسد طريق العارض الهطل
وقد عن لي أن أجمع هنا ما حلا بذوقي من أمثال أبي الطيب المتنبي، وإن كان فيها ما ولده من شعر أبي تمام، كما ذكره ابن أبي الأصبع، فإن القصد أن نصيرها عمدة لأهل الإنشاء إذا أوردوها في الوقائع التي تليق بها على اختلاف أنواعها، فمن ذلك قوله:
إذا صديق نكرت جانبه ... لم تعيني في فراقه الحيل
في سعة الخافقين مضطرب ... وفي بلاد من أختها بدل
وقوله من قصيدة:
أشد الغم عندي في سرور ... تيقن عنه صاحبه انتقالا
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مرًّا به الماء الزلالا2
وقوله من قصيدة:
ذل من يغبط الذليل بعيش ... رب عيش أخف منه الحمام3
كل حلم أتى بغير اقتدار ... حجة لاجئ إليها اللئام
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام
خير أعضائنا الرءوس ولكن ... فضلتها بقصدك الأقدام
وقوله:
ما كل من طلب المعالي نافذًا ... فيها ولا كل الرجال فحولا
تلف الذي اتخذ الجراءة خلة ... وعظ الذي اتخذ الفرار خليلا4
وقوله:
ومكايد السفهاء واقعة بهم ... وعداوة الشعراء بئس المقتنى
ويعجبني قوله في الهجو، وهو مما نحن فيه:
فلو كنت أمرأ تهجى هجونا ... ولكن ضاق قطر عن مسير5