كم تمثلت إذ أرخوا شعورهم ... وقلت بالله خلوا الرقص في الظلم
إرسال المثل نوع لطيف في البديع، ولم ينظمه في بديعيته غير الشيخ صفي الدين، وهو عبارة عن أن يأتي الشاعر، في بعض بيت، بما يجري مجرى المثل، من حكمة أو نعت أو غير ذلك مما يحسن التمثل به، كقوله تعالى: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} 1 وقوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} 2 وقوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} وقوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} 4.
ومما جاء من ذلك في السنة الشريفة، قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "خير الأمور أوساطها" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن وهو بالخيار ما لم يتكلم" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيهًا يوم القيامة" وقوله -صلى الله عليه وسلم: "البلاء موكل بالمنطق".
وقد احتوى كتاب أبي أحمد العسكري على كثير من هذا الباب، ومن أمثلته في الشعر قول زهير:
وهل ينبت الخطمي إلا وشيجة ... وتغرس إلا في منابتها النخل5