الخياط على طريق العبث به: سآتيك به لا تدري أقباء هو أم دواج1. فقال له الشاعر: إن فعلت ذلك لأعملن فيك بيتًا، لا يعلم أحد ممن سمعه، أدعوت لك أم دعوت عليك ففعل الخياط، فقال الشاعر:
خاط لي زيد قباء ... ليت عينيه سواء
فما علم أحد، أن الصحيحة تساوي السقيمة أو بالعكس، فاستحسن الحسن صدقه أضعاف استحسانه حذقه، وغالب الناس يسمون الخياط عمرًا ويقولون:
خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء
ولكن نقل زكي الدين بن أبي الأصبع، في كتابه المسمى "بتحرير التحبير" أن الخياط كان اسمه زيدًا، وأورد البيت مصرعًا، مرفوع العروض والضرب، ووجه الرفع ظاهر فيهما.
ولم يتفق للمتأخرين ولا للسلف من قبل، في هذا الإبهام، غير البيت المتعلق بالخياط زيد، والبيت المتعلق بالحسن بن سهل، وقد تقدم ذكرهما، وقد عززتهما بثالث لما وقفت على تاريخ زين الدين بن قرناص الحلبي ووجدته قريبًا من قباء زيد الخياط، فقلت:
تاريخ زين الدين فيه عجائب ... وبدائع وغرائب وفنون
فإذا أتاه مناظر في جمعه ... خبره عني إنه مجنون
وكذلك الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته، وتبعه الشيخ عز الدين الموصلي، لأجل المناظرة، ويأتي الكلام على بيتيهما.
وقد كشف عنه قناع الأشكال، وأبرزت بدوره المتحجبة في أفق الكمال، فإني كتبت فيه تقريضًا لم أرض بقراضة الذهب أن تكون له رملًا، ولا سبقني إليه أديب، ولا ولد منه على هذا الطريق شكلًا، وما ذاك إلا أنه ورد إلى الديار المصرية، وأنا منشئ دواوين الإنشاء المؤيدي خلد الله ملكه، الشيخ شمس الدين محمد بن نهاض الفقاعي في شهر شوال سنة ثمانية عشر وثمانمائة، وقد صنف سيرة مشتملة على نظم ونثر للسلطان الملك المؤيد، ولم يكن للمشار إليه إلمام بتعاطي الأدب في مبادي عمره، فسألني أن أكتب له عليها تقريظًا، قبل تقديمها فامتنعت من ذلك مدة، فدخل علي بمن