ومن المطابقة بالتورية، قول القاضي بدر الدين بن الدماميني رحمه الله:

بدر إذا شمت فوق الخد عارضه ... يومًا أرى الصبح بالظلماء مختلطا

وظن أن صوابًا هجر عاشقه ... لما رأى منه شيبًا باديًا وخطا1

ومن العجيب في هذا النوع، قول شيخنا العلامة شهاب الدين بن حجر، فسح الله في أجله:

خليلي ولى العمر منا ولم نتب ... وننوي فعال الصالحين ولكنا

فحتى متى نبني بيوتا مشيدة ... وأعمارنا منا تهد وما تبنا

وما أحلى قوله فيه:

أتى من أحبائي رسول فقال لي ... ترفق وهن واخضع تفز برضانا2

فكم عاشق قاصي الهوان بحبنا ... فصار عزيزًا حين ذاق هوانًا

ومثله قوله:

نأى رقيبي وحبيبي دنا ... وحسنه للطرف قد أدهشا3

آنسني المحبوب يوم اللقا ... لكن رقيبي فيه ما أوشحا

وما أظرف قوله فيه:

أشكو إلى الله ما بي ... وما حوته ضلوعي

قد طابق السقم جسمي ... بنزلة وطلوع

انظر كيف جمع بين قصر الوزن، وعدم الحشو، وصحة التركيب، والمطابقة بالتورية، وتسمية النوع من جنس الغزل، ومثله قوله:

قال حبي أكتم الهوى ... خوف لاح وواشيه

كي أستطيع كتمه ... وسقامي علانيه

وأنشدني من لفظه لنفس، ابن مكانس وقد أوقفته في الشرح على هذا النوع، فقال:

يا سادتي والعشق لم يبق لي ... من بعدكم روحًا ولا حسا

صبحني الهم لهجرانكم ... والضر لما بنتم مسا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015