فانصرف عن الإخبار إلى المخاطبة في بيت واحد، ومثله في اللطف قول القاضي الأرجاني:

وهل هي إلا مهجة يطلبونها ... فإن أرضت الأحباب فهي لهم فدى

إذا رمتمُ قتلي وأنتم أحبتي ... فماذا الذي أخشى إذا كنتم عدى

ومثله قول أبي الطيب:

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا

بما بجفنيك من سحر صلى دنفا ... يهوى الحياة وأما إن صددت فلا1

ومثله قول أبي العلاء:

يود أن ظلام الليل دام له ... وزيد فيه سواد القلب والبصر

لو اختصرتم من الإحسان زرتكم ... والعذب يهجر للإفراط في الخصر2

ومن لطائف الالتفات: بالانصراف من الخطاب إلى الإخبار، قول ابن نبيه:

من سحر عينيك الأمان الأمان ... قتلت رب السيف والطيلسان

أسمر كالرمح له مقلة ... لو لم تكن كحلاء كانت سنان

فقوله عن المقلة، بعد تشبيه القوام بالرمح، أنها لو لم تكن كحلاء كانت سنان، بديع وغريب.

ومن أغرب ما وقع لي، في هذا النوع اللطيف، أنني صرحت باسم الالتفات عند وقوعه بقولي، من قصيدة قلت فيها:

والله إن لم ألقهم من بعد ذا ... فعلى زماني لم أزل متعتبا

وقد التفت إليك يا دهري بطو ... ل تعتبي ويحق لي أن أعتبا

قررت لي طول الشتات وظيفة ... وجعلت دمعي في الخدود مرتبا

واتفق لي أيضا نظير ذلك، في رسالة كتبت بها إلى العلامة بدر الدين بن قاضي أذرعات رحمه الله، منها: سكن القلب. وغير بدع إذا كان القلب للبدر منزلًا، ورام هلال الأفق أن يباهي سموه بمطلعه، فقلنا: ما أنت من براعة هذا الاستهلال، ولا تطاول الرامح إلى الطعن في محله الذي يجل قدرًا عن مناظر ومباهي، فقلنا له أقصر مكتفيًا وإلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015