ولا عطر بعد عروس. فتفرغت إذ ذاك للجواب، وتذكرت ما أوتيه الحاجب أعزه الله من الحكمة وفصْل الخطاب. فسقط في يديّ، واستد دوني باب القول فارتج عليّ، غير أني تخيلت، أبقاه الله، صفاته، فجعلت أكتب ما يحكى، وتأملت مكرماته، فأخذت أنسخ ما يُملى:

يقولون هذا أبلغ الناس كلهم ... فقلت المعاني علمتني المعاليا

وما لي في قول تضمّن لفظه ... مناقب قوم غير ما كنت راويا

وعسى الأيام أن تسعف فنلتقي، أو تنصف فنسْتقي، فلو أمكنني مكان كتابي السير، لاستعرت أجنحة الطير، فوافيت حضرة المجد، أسرع من الطرف، ولاقيت غرة السعد، أطوع من الكف، وقلت:

والشعر يُبْدي عطفه ويهزّ لي ... سيف القريض ورمحه الداسا

من طرّقت عنه صروف زمانه ... سمعاً أزل وحية نهاس

يسري الى ملك تهلل وجهه ... شمساً وراحَتُه نَدًى رجّاسا

يرمي مع الأقدار رمي مؤيد ... جعلت لأسهم رأيه أقواسا

قد غادرت عين الزمان وأذنه ... ما تسأم الإيناس والإنحاس

وكتيبة مكتوبة بفوارس ... يلقون لا كشفاً ولا إنكاسا

فإذا تفهمت الجيوش كتابه ... دانت لمن راض الأمور وساسا

وكأنّما النقع المثار دجنة ... تفِدُ الأسنّةُ منهمُ أقباسا

وكأنّما غرر الجياد أهلّة ... يقطفن من هفواته أغلاسا

وتخاله سلّ المجرة سيفه ... وتحرّك العيوق فيه لباسا

على أنّي أتمهّد من برّ أمير المؤمنين أعزه الله رق الرئال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015