أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني وأظنه والد جعفر وقد أوردنا شعره.
هو أقدم عصراً من الذين أوردناهم وكان في عصر ابن رشيق والجميع متقاربو العصر. طالعت مصنف محمد ابن شرف الموسوم بأبكار الأفكار ومن منثور كلامه فيه: أذى البراغيث إذا البَرّ أغِيث - بريءَ عليلٌ بَرانا، وأثرى فقيرٌ ثرانا، وتاريخ ذلك انصرام بآخر، وقد بلغت القلوب الحناجر، بحمّارة احمرّت لها خضرة السماء، واغبرّت مرآة الماء، حتّى انهلّ طالع وسميّ، وتلاه تابع وليّ، دنا فأسفّ، ووكف فما كفّ، فما فَتِئ ثرثاراً قَطْرُهْ، مجوباً شمسه وبدره، حتى إذا جاء ركيّه بالطام، وخيف إعظام الاطام، وقال حوض الأرض لماتح المزن حسبي، قد ملأت وطبي، رفع حجاب السماء، وغيض طاغي الماء، وأطلق طلق الهواء، من عقال الظلماء، وجلّيت عروس الشمس، معتذرة من مغيبها بالأمس، وطفقت ترشف ريق الغدران حتى جفت عبراتها، وتعانق أعناق الغدران حتى خفت حسراتها، فعندها مزق عن الدقعاء صحيح إهابها، واختزن درّ البرّ في أصداف ترابها، فلا وأبي الأيام ما مرّت بهن عاسِرة، إلا والقيعان مسندسة، والآكام مطرّسة، قد تجدد الشمل، وتفسح الأمل، وحمل الشمس الحمل، وظهرت تباشير النهاية، في شمائل البداية، فرجاؤنا في التمام، أخْذاً بقول أبي تمام:
إنّ الهلال إذا رأيت نموّه ... أيقنت أن سيكون بدراً كاملا