فخرج إلى الجامع ماشياً يوم الجمعة من داره، وانثالت العامة عليه تصافحه وتدعو له، وكان ذلك سبباً لإلزامه بيته. ثم أخرج إلى روذراور، وهي موطنه قديماً، فأقام هناك مدّة، ثم خرج إلى الحجّ وسافر إلى مكّة في موسم سنة سبع وثمانين، فخرج العرب على الرُّفقة بقرب الرَّبَذَة، فلم يسلم من الحجيج سواه. وجاور بعد الحجّ بمدينة الرّسول صلوات الله عليه إلى أن تُوفّي في النصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين، ودفن بالبَقيع عند القبّة الّتي فيها قبر إبراهيم عليه السلام ابن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وكان عصره أحسن العصور، وأيامه أنضر الأزمان، ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدين وقانون الشريعة مثله، صعباً شديداً في أمور الشرع، سهلاً في أمور الدنيا، لا تأخذه في الله لومة لائم. ذكره ابن الهمذاني في الذيل وقال: (كانت أيامه أوفى الأيام