ووفد عليه بمدحه، واسترفده من منحه، وفاز عنده بنجحه، وأدرك في ليل الأمل من الفوز ضوء صبحه، وحمل إليه بضائع فضله فحصل من إفضاله بربحه، وكلهم ممتدحه، ومستميحه ومستمنحه، فأحببت أن أحيي ذكرهم، وأقابل بمجازاة شكري شكرهم. وكانت المدائح المجموعة في عمي العزيز مجلدات، غير أن العدو لما نكبه، نهبها، وذهب بها وأذهبها، لكنه لم يسلب الأصل والمحتد، ولم ينهب المجد والسؤدد. وقد كتبت منها بعض ما حصلته، ومهدت به ذكره على قاعدة الخلود وأثلته.
وقد قسمت هذا الكتاب أقساماً.
القسم الأول
فضلاء بغداد
وما يجري معها من البلاد
خلفاء وأمراء بني العباس
الإمام المستضيء بالله أمير المؤمنين
وابتدأت القسم الأول من العراق مزكي عرقي، ومنشأ حقي، وموطن أهلي، ومجمع شملي. وهو الإقليم الأوسط، والأقنوم الأحوط، وأهله الراسخون علوماً، الباذخون حلوماً. وقدمت مدينة السلام؛ لأنها حوزة الإسلام، وبيضة مملكة الإمام، وتبركت بذكر من أدركته من الخلفاء، ومن أدركه منهم والدي وأعمامي، الذين يشتمل هذا الكتاب على محاسن أيامهم، ومزاين أجوادهم وكرامهم، وذكرت من شعر كل واحد منهم ما سمعته، تفضيلاً لكتابي هذا على الكتب المصنفة في فنها، ليربي بحسنه على حسنها،