من غرناطة ذكره وقال: كان نذلا هجاء. ومن هجائه في ابن رعمان وهو رجل من أكابر غرناطة:
خلا نجل رعمان ليلا بعرسه ... فجامعها في ساعة الدبران
فجاءت به مأبون أشوه خلقة ... كريم عجان لا كريم بنان
وتدور إحدى مقلتيه لأختها ... كأنهما عنزان ينتطحان
وما وقع المأبون من حِرِ أمِّهِ ... إلى الأرض إلا فوق رأس ختان
وبكة حصن في شرق الأندلس. بلغ الهرن وتوفي بعد سنة ستين وخمسمائة وكل ما ينظمه هجو ومن شعره قوله:
أخاف من الجوارح أن يلموا ... ومالي بالجوارح من يدين
فإما تدخلونيَ حِرْحَ أسْمَا ... فأقلب كل ذي نظر وعين
يعني: لاتّساع الموضع:
وإلا فارفعوني إن قدرتم ... على قرن الوزير أبي الحسين
أسماء: زوجته وله:
قالوا الكتابة أعلى خطة رفعت ... قلت الحجامة أعلى عند أقوام
لا تحسبوا المجد في طرس ولا قلم ... المجد في صوفة أو مبضع دام
توفي بعد سنة ثلاثين وخمسمائة، أنشدني له في تهنئة مولود:
يا خَيْرَ معن وأولاها بعارفة ... شُكْراً لِنَعْمَاء عنها الدهر قد نفسا
ليهنك الفارس الميمون طائره ... لله أنت فقد أذكيته قبسا
وتعشق الدرع مذ شدت لفائفه ... وأبغض المهد لما أبصر الفرسا
أصاخت الخيل آذانالصرختهواهتز كل هِزَبْرٍ عند ما عطسا
تعلم الركض أيام المخاض به ... فما امتطى الخيل إلا وهو قد فرسا
قد سبق ذكره وأوردت له بيتين. أحد كتاب أمير المسلمين، والبلغاء الموصوفين، وكان متعففا، متزهدا متقشفا، أجاب إلى الكتابة بعد امتناع وإباء، وحصل منه بكل حظ وحباء، ومن شعره قوله:
لله ليل بات في جنحه ... طوع يدي مَن مهجتي في يديه
وبته أسهر أنسا به ... ولم أزل أسهر شوقا إليه
عاطيته صفراءمشمولةكأنها تعصر من وجنتيه
ما أحسن قول القائل حين قال:
أمن خديك تعصر قال: كلا ... متى عصرت من الورد المدام
ولابن عائشة قوله: وهو مما أبدع فيه وزاد على من تقدم:
إذا كنت تهوى وجهه وهو روضة ... بها نرجس غض وورد مضرج
فزد كلفا فيه وفرط صبابة ... فقد زاد فيه من عذار بنفسج
وقوله وقد سبق:
ودوحة قد علت سماء ... تطلع أزهارها نجوما
كأنما الجو غار لما ... بدت فأغرى بها النسيما
هفا نسيم الصبا عليها ... فخلتها أرسلت رجوما
وقوله وقد أسن واكتهل، واهتبل فرصة العمر وإلى الله ابتهل:
ألا خلياني والأسى والقوافيا ... أرددها شجوا وأجهش باكيا
أآمن شخصا للمسرة باديا ... وأندب رسما للشبيبة باليا
تولى الصبا إلا توالي ذكرة ... قدحت بها زندا من الوجد واريا
وقد بان حلو العيش إلا تعلة ... تحدثني عنها الأماني خواليا
فيا يرد ذاك الماء هل مك قطرة ... فها أنا أستسقي غمامك ناشيا
وهيهات حالت دون حُزْوَى وعهدها ... ليال وأيام تخال لياليا
قفل في كبير عادة عائد الصبا ... فأصبح محتاجا وقد كان ساليا
فيا راكبا مستعجل الخطو قاصدا ... ألا عج بشقر رائحا ومغاديا
وقف حيث سال النهر ينساب أرقما ... وهبَّ نسيم الأيك ينفث راقيا
معنى ابتكره، وما من ذي فضل إلا وعلى هذا الإغراب شكره:
وقل لأثيلات هناك وأجرع ... سقيت أثيلات وحييت واديا
وليس ببدع أن تعذب في الهوى ... فحييت من أجل الحبيب المغانيا
منجم المعتمد ابن عباد، كتب إلى ابن اللبانة وقد عاد من أغمات فقصدنا زائرا للمعتمد عند اعتقاله بها وزوال أمره: