سلِ الليل عني هل أنامُ إذا سجى ... وهل ملّ جنبي مضجعي ومكاني
على أنني جلْد إذا الضرّ مسّني ... صبور على ما نابني وعراني
وله في الغزل:
ما أحسَب السحرَ غير معناها ... والعنبر الجون غير ريّاها
إنا جهلنا ديارها فبدا ... من عرفها ما به عرفناها
كأنما خلّفت بساحتها ... منه دليلاً لكلّ من تاها
لا كثَبٌ دارها فأغشاها ... ولا فؤادي يريم ذكراها
ومنها:
الموت أولى مى قضيت بها ... نحبي فمحياي في محيّاها
وأغبط الماءَ حين ترشفه ... إذ كان دوني مقبّلاً فاها
ومنها:
وما ثنائي على قلائدها ... إلا بأن أشبهت ثناياها
أجزع من عتبها ويبعثني ... إليه كرهاً طلاب عتباها
دنوّها منك من شمائلها ... وبعدها عنك من سجاياها
وله من أخرى أولها:
رأى نورَها أو رأى نارَها ... فلما تجلى اجتلى دارَها
وقد ضرب الليل أرواقه ... وأرخت دياجيه أستارَها
فقل في جمال يضيء الدجى ... ويغشى النجومَ وأنوارَها
ومنها:
وشاطرة ردفها شطرها ... وما يبلغ الخصر معشارها
ومنها:
فيا لك عصراً قطعنا به ... لياليَ تشبه أسحارها
ولذّات عيش مضى عينها ... فها أنا أطلب آثارها
فها هي لم يبق منها سوى ... أحاديث أعشق تكرارها
قضيت الصّبا بين أوطاره ... ولم تقض نفسيَ أوطارها
وله من أخرى:
أما من وقفة أم من مقام ... أبثك عنده داءً دخيلا
جفوتَ فضاقت الدنيا وكانت ... عليّ رحيبة عرضاً وطولا
لعلك يا قضيبَ البان يوماً ... تمهد في ظلالك لي مقيلا
أما لو كان قلبك من صفاةٍ ... لشيّعني على حبّي قليلا
ولكني دُفعت الى حديد ... ينوّل كلما قرع الصليلا
لئن أنبطتَ من عيني دموعاً ... لقد أذكيتَ في قلبي غليلا
فيا عجباً دموعٌ ليس ترقا ... ووجدٌ ليس يمكن أن يزولا
ولم أسمع بأنّ حياً توالى ... على أرض تزيد به مُحولا
أين هذا من قول القاضي أبي بكر الأرّجاني حيث قال وابتكر المعنى:
يروّي ضاحيَ الوجنات دمعي ... ويعدل عن لهيب جوًى دخيلِ
وما نفعي وإن هطلت غيوث ... إذا أخطأن أمكنة المحولِ
ولأبي الحسن الطوبي:
خالسته نظراً تحمّل بيننا ... نجوى هوًى خفيَت على الجلاّس
فاحمرّ ثم اصفرّ خيفة كاشح ... فعلَ المدامة عند مزج الكاس
وله:
أيا رب قرِّبْ دارها ونوالها ... وإلا فأعظم إن هلكتُ بها أجري
ويا رب قدّر أن أعيش بأرضها ... وإلا فقدّر أن يكون بها قبري
وله:
هبني أسأتُ فأين إق ... راري بذنبي واعتذاري
هلاّ ثناك عن الحفا ... ء غناك عنّي وافتقاري
لو أن غيرك رام بي ... غدراً لكان بك انتصاري
وله:
ارفق بعينيك فإنّ الذي ... ضُمِّنَتا من سقَمٍ زائدُ
فاستودع اللحظَ لأجفانها ... فهي مِراض وهو العائدُ
وله أيضاً:
وعيشٌ هززناه هزّ النسيمْ ... قضيبَ الإراكة عند الهبوب
مزجناه باللهو مزج الكؤوس ... بشكوى الهوى ورضاب الحبيب
فيا لك عصراً قضينا به ... حقوقَ الشبيبة دون المشيب
وله في العذار:
البدرُ في أزراره ... والغصن في زُنّاره
وكأنما فتّ العبي ... رُ على مخَطِّ عِذاره
وله أيضاً:
يا عاذلي أنتَ الخليُّ فخلّني ... وحَشاً عليه من الصبابة نارُ
كيف السلوّ وكيف صبري عندما ... قامت بعذري قامةٌ وعِذار
وله في الخمر وغيرها من قصيدة:
قضيتُ أوطارَ نفسي غير متّركِ ... ولم أعقها على لحْقٍ ولا حرَكِ