يَبيتُ كُلُّ ثَقيلِ الرُّمْح حامِلهُ ... في سرْجِ كلِّ خَفيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ
مَجْدٌ تَأَثَّلَ في نَجْدٍ أَوائِلُهُ ... وَشِيدَ بالشّام مِنْهُ الطّارِفُ الطّاري
يَا بْن الْكِرامِ الألى ما زالَ مَجْدُهُمُ ... مُغْرًى بِقِلَّةِ أَشْباهٍ وَأَنْظارِ
الَمْانِعينَ غَداةَ الْخَوْفِ جارَهُمُ ... وَالْحافِظَينَ بِغيْبٍ حُرْمَةَ الْجارِ
بِيضُ الْعَوارِفِ أَغْمارٌ إذا وَهَبوا ... جُوداً وَلَيْسُوا إذا عُدّوا بِأَغْمار
لا يَصْحَبُ الدَّهْرَ مِنْهُمْ طُولَ ما ذِكروا ... إلاّ الثَّناءُ وَإلّا طِيبُ أَخْبارِ
إِنَّ الْعَشائِرَ مِنْ أَحْياءِ ذي يَمَنٍ ... لَمّا بَغَوْكَ جَرَوْا في غَيْرِ مِضْمارِ
أَصْحَرْتَ إذْ مَدَّ بالْمَدّانِ سِيْلُهُمُوَاللَّيْثُ لا يُتَّقي مِنْ غَيْرِ إصْحارِ
سالُوا فَأَغْرَقُهمْ قَطْرٌ نَضَحْتَ بِه ... ما كُلُّ سَيْلٍ عَلَى خيْلٍ بِجَرّارِ
مالُوا فَقَوَّمَ فيهِمْ كلَّ مُنْأَطِرٍ ... طَعْنٌ يُعَدِّلُ مِنْهُمْ كلَّ جَوّارِ
حَتّى إذا نَهَتِ الأُولى فما انْتَفعوا ... بالنَّهْيِ وَالبَغْيُ فيهِمْ شَرُّ أَمّارِ
أَنَجْتَها وَحَمَيْتَ الشّامَ مُعْتِقداً ... أَنْ ليْسَ يَنْفعُ إلاّ كلُّ ضرّارِ
قَدْ نابَك الدَّهْرُ أَزْماناً بِغَيْرِهِمُ ... فَظَلَّ يِغْمِزُ عُوداً غَيْرَ خوّارِ
وَكَمْ أَبَتَّ عَلَى ثأْرٍ ذَوي ضَغَنٍ ... وَلْم تَبِتْ قطُّ مِنْ قَوْمٍ عَلَى ثارِ
إِنْ زُرْتُ دارَكَ عَنْ شَوْقٍ فمَدْحُكَ بي ... أَوْلى وَما كلُّ مَدَّاحٍ بِزَوّارِ
لَيْسَ المُطيقُونَ حِجَّ البْيَتْ ما تَركُوا ... فَريضَةَ الْحَجِّ عَنْ زُهْدٍ بِأَبْرارِ
وَقَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَعْدي عَلَى زَمَنٍ ... لا يَشْرَبُ الْحُرُّ فيهِ غَيْرَ أَكْدارِ
مُوَكَّلُ الْجَوْرِ بِالأَحْرارِ يَقْصِدُهُمْ ... كَأَنَّهُ عِنْدَهُمُ طَلاّبُ أَوْتارِ
وَالْحَمدُ أَنْفَسُ مَذْخُورٍ تَفوزُ بهِ ... فَخُذْ بِحَظِّكَ مِنْ عَونٍ وَأَبكارِ
مِنَ الْقَوافي الَّتي ما زِلْتُ أُودِعُها ... عُلاَلَة الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ
إنَّ السَّماَحَة أُولاها وَآخِرَها ... في كَفِّ كلِّ يَمانٍ يَا بْنَ مِسْمارِ
لا تَسْقِني بِسِوى جَدْوى يَدَيْكَ فمَا ... يُرْوي مِنَ السُّحْبِ إلاّ كلُّ مِدْرارِ
وَلَسْتُ أَوَّلَ راجٍ قادَهُ أَمَلٌ ... قَدْ راحَ مِنْكَ عَلَى شَقْراءَ مِحْضارِ
وقصيدته في أبي الحسن علي بن عمارٍ، أعقر للعقول من كأس العقار، وأعذر إلى العذول من آس العذار. وهي:
أَمَا وَالْهَوى يَوْمَ اسْتَقَلَّ فَريقُها ... لَقَدْ حَمَّلَتْني لَوْعَةً لا أُطيقُها
تَعَجَّبُ مِنْ شَوْقي وَما طالَ نَأْيُها ... وَغَيْرُ حَبيبِ النَّفْسِ مَنْ لا يَشُوقُها
فَلا شَفَّها ما شَفَّني يَوْمَ أَعْرَضَتْ ... صُدوداً وَزُمَّتْ لِلتَّرَحُّلِ نُوقُها
أَهَجْراً وَبَيْناً شَدَّ ما ضَمِنَ الْجَوى ... لِقَلْبَي داني صَبْوَةٍ وَسَحيقُها
وَكُنْتُ إذا ما اشْتَقْتُ عَوَّلْتُ في الْبُكا ... عَلَى لُجَّةٍ إنْسانُ عَيْني غَريقُها
فَلمْ يَبْقَ مِنْ ذِي الدَّمْعِ إلاّ نَشيجُهُ ... وَمِنْ كَبِدِ المُشْتاقِ إلّا خُفوقُها
فَيا لَيْتَني أَبْقى ليَ الْهَجْرُ عَبْرَةً ... فَأَقْضي بها حَقَّ النَّوى وَأُريقُها
وَإِنّي لآبي الْبِرَّ مِنْ وَصْلِ خُلَّةٍ ... وَيُعْجِبُني مِنْ حُبِّ أُخْرى عُقوقُها