وأهلُها لا تغشَ أبوابَهم ... فإنّهم خُوزٌ، وما تدري
وشِمْ بروقَ الجودِ من فارس ... ففارسٌ مُرتبَعُ الفخرِ
بيضتُها شيراز، فاعْمِدْ لها ... فإنّها طاردةُ الفقرِ
بها عماد الدين خيرُ الورى ... ربُّ الندى ذو المنن الغُرِّ
قاضي القضاة العلَمُ المرتجى ... مبشّرُ الآمال بالبشرِ
فانهضْ لها منتضياً عزمةً ... وانظر الى شخصيَ في السَّفْرِ
وها أنا إن كنت في حيرة ... يسفر عن مطلعها بدري
فلما أبانت مشاورته عن مصاحبته، ونطقت أبياته بمحض صداقته، استنهضته فوجدته السُّلَيْكَ في عَدْوَته، وتأبّطَ في حيلته وجرأته، فنضينا الهمّ، وامتطينا ابنةَ اليَمّ، واتكأنا على الشِمال، فوق بساط الريح الشَمال، وتعاطينا كأس المنافثة، واقتدحنا نقص في الأصل والقصيدة طويلة بلا طائل، معانيها متكلّفة، ومبانيها مختلفة. على أنه ليس منها بيتٌ إلا وهو خالٍ غير حال، لم يخرج من التوسّط وإن لم يكن بعال ولا غال. وقد أوردت منها الأكثر، وأدنيت المعروف وأبعدت المنكر.
ومنها:
كأنّ عظامي غُدْوَةَ البيْنِ عادها ... لفَرْط الجوى والوَجْدِ، يا سلْمَ، منْحازُ
ولي من عَفافي والتقنّع زاجرٌ ... ووجهيَ للماءِ الذي في كَنّازُ
ومنها:
وركْبٍ على مثل القِسيّ صحبتُهُم ... عليهنّ أكوارٌ تُشَدُّ وأحجازُ
فرَوْا حُلّةَ الظلماءِ والشهبُ رُكَّدٌ ... الى أن بدا نجمٌ على الصبح غمّازُ
إذا لهَواتُ البيدِ مجّتْهُمُ ضحى ... تباشرنَ آكامٌ بهنّ وأنشازُ
أقولُ لهم: أعطوا المطامعَ حقّها ... فما أنا سألُ الدنيّة لزّازُ
ولولا أيادي طاهرِ بن محمد ... لما حلُمَتْ بي قطُّ في النوم شيرازُ
ولا حثّ بي لولاه في البرّ سابحٌ ... ولا رنّحتني في قَرا الكورِ أغرازُ
ولكن حداني نحوَها جودُ كفّه ... ففُزْتُ كما قبلي به معشرٌ فازوا
هو البحرُ لا يُفني عطاياه ماتحٌ ... لسَجْل العطايا بالمدائح نهّازُ
له كلَّ يومٍ منّةٌ وصنيعةٌ ... بحمد الورى والشكر يحوي ويحتازُ
سَبوقٌ الى الغايات لا يستحثُّهُ ... سوى مجدِه، والطِّرْفُ يُجريه مِهمازُ
حماني نَداه من زماني وصانني ... فليس يرى وجهي أياز وقَيمازُ
وشائجُ قربى قد رعاها بجوده ... وحمدٌ تلاه نازحُ الدارِ مجتازُ
وقربى أصول بيننا عربيّة ... رعاها فَزاريُّ الأرومةِ ممتاز
هنيّ الندى لم يذْمُمِ العيشَ جارُه ... له منه إكرامٌ يدومُ وإعزازُ
له موردٌ عذْبٌ نُقاخٌ من الندى ... ووعدٌ تلاه للمكارم إنجازُ
ففي كلّ جيد من أياديه منّةٌ ... يطولُ بها بين الأنام ويمتازُ
يرى أنفس الأشياء ذكراً يحوزُه ... فليس له إلا المدائحَ إحْرازُ
أعيذُ عطاياه من المسّ إنّما ... مدائحُنا سُخْبٌ عليها وأحْراز
أسودُ الشّرى إنْ عاينته ثعالبٌ ... تضابَحُ فالرِئبالُ للخوف قَفّازُ
أرى الناسَ طيراً قد أسفَّ ومجده ... تحلّق في أفق العلى فهوَ البازُ
أقرّ له بالفضل سامٌ ويافِثٌ ... وعُجمٌ وأعرابٌ ورومٌ وأنحازُ
ومنها:
من القوم بالبيض المواضي وبالقنا ... وبالخيل والزّغْفِ الندى والعلى حازوا
حووا بعمادِ الدين مجداً مؤثّلاً ... ونالوا المنى بل فوقَ غايتِها جازوا
ومنها:
تجمّعَ فيه ما تفرّق في الورى ... من الخيرِ فالشاني معاليه همّازُ
ومنها:
أقولُ لآمالي وقد جدّ جدُّها ... وقد بزّني قلبي من الهمّ بزّازُ
أمامَكِ شيراز، فحُطّي بجوّها ... على ملك شكرَ البريّةِ يحتازُ
ومنها: