بل كان زُور خضابٍ ... نما، وفي الحال حالا
سلبتَ حبة قلبي ... وصُغتها لك خالا
فقد كستني نُحولاً ... كما كستكَ جمالا
يا كاملاً وجهه علّم البدور الكمالا
يا أَحسنَ الناسِ وَجهاً ... صِلْ أَسوَأَ الناسِ حالا
حاشا جمالك من أَنْ ... يستقبح الإِجْمالا
لم أَحظ منك بسُؤلٍ ... وقد فنيت سُؤالا
أَما تعلّمتَ شيئاً ... من الكلام سوى لا
ومن أبيات في وصف العذار، أخلع من خلع العذار، وأزهر من الأزهار، وأنور من النوار، وأعقر للألباب من العقار، وأنضر في النواظر من النضار، بيتان هما:
سقاني العَسجَدِيَّةَ ذو عِذارٍ ... يُنمنمُ عَنبراً في صَحْن عَسجَدْ
وحيذا باللآلئ في صِدافٍ ... من الياقوت طُرّز بالزَّبَرْجَدْ
قد وصف الشارب والشفة والمبسم في هذا البيت المفرد، وأحسن نظمه والجمع بين اللؤلؤ والياقوت والزبرجد.
وقد ألم بوصف الخط، في أبيات كاللآلئ في السمط، يصف فيها الخط والخد والوجنة، والصدغ والمقبل والنكهة، سماعها يذكر إليك الجنة، ويحدث لك إلى حورها الصبوة، ويحل لديك من هواك السلوة، وهي:
روحي الفِداءُ لمن إِذا آلمتُهُ ... عتْباً تفضّض خدُّه وتذهّبا
وتوقَّدَتْ في الروض من وَجَناته ... نارُ الحياء يَشُبّها ماء الصِّبا
خطّت سَوالِفُه عليها رُقْيَةً ... لمّا تَثَعْبن صُدغه وتعقربا
عَذْبُ المُقَبَّل، إِن تحدث أَسكرتْ ... أَلفاظهُ وإِذا تنفّس أَطربا
متغضِّبٌ دَلاًّ، فلستُ بمدركٍ ... منه الرّضا إِلاّ بأَن أَتغضّبا
ومن أبيات خفيفة، على القلب لطيفة، طريفة في المعنى ظريفة:
أَين مني الصبر عن وجهك أَيْنْ ... بين قلبي وسلوّي عنك بَيْنْ
واهن العزم إِذا استنجدته ... فتَّرته فتراتُ المقلتينْ
صار من أَعوان عينيك، كذا ... كلُّ قلب في الهوى عوناً لِعَيْن
أَيُّها الراقد عندي سهرٌ ... يُكْمِد الواشي ويُبكي العاذليْن
متُّ سُكراً، أَفمِن كأْسِ طِلا ... راق لي ريقك أضم من شفتين
أَنا لا أَصبر عمّن وجهُهُ ... فَلَقٌ مُبتسمٌ في غَسَقيْن
تَطْلُعُ الشمس لنا من شَفَقٍ ... وهو يبدو طالعاً من شفَقيْن
قلت للكاهن حين اختلست ... عينه عيني فجرّ الحين حَيْن
قمرَ العقرب خوّفتَ، فمَن ... منقذي من قمر في عقربيْن
وأنشدني الفقيه له، وجماعة من الشاميين أيضاً، ثلاثة أبيات كمثلثة الند في الطيب، في إعراض الحبيب:
ويلي من المُعْرِض الغضبان إِذ نقل الواشي إِليه حديثاً كلُّه زورُ
مقصّر الصُّدغِ، مسبول ذؤابته ... لي منه وَجدان: ممدود ومقصورُ
سلّمتُ فازورّ يَزْوي قوس حاجبه ... كأَنني كأْسُ خمر وهو مخمورُ
وله فيمن مل المطال في وعوده، وعطف إلى الوصال بعد صدوده:
بأَبي مَنْ صدّ عنّي وصدَفْ ... ثمّ لمّا ملّ من هجري عطَفْ
قلت: مولايَ أَحقٌّ ما أَرى ... بعد ما حكَّمت في روحي التَّلَفْ
قال: مِنْ أَحْمَدِ شيءٍ في الهوى ... عُقَبُ الصبر وتأَميل الخلفْ
نحن نُحيي مَنْ أَمتْنا، كرماً ... وعفا الله لنا عمّا سَلَفْ
وله في المعنى من أول قصيدة مهذبة، أبيات منتخبة، غزلة طيبة، وهي:
أَلِف الصدودَ وحين أَسرف أَسعفا ... فازْورّ عَتْباً ثم زار تَعَطفا
لبِس الدُّجى في ليلةٍ هو بدرها ... والبدر أَشهر ما يكون إِذا اختفى
طلَع الهلال وقد بدا مُتَلثّماً ... حتى إِذا حسر اللثام تنصّفا
يا طرفه، مالي أَراك خلقت لي ... داءً فهلاّ كنتَ لي منه شفا