نلقّبُهُ ب محمود مَجازاً ... وما يُلفَى له فعلٌ حميدُ
بعيدٌ من ذوي الحسنَى، فقيرٌ ... من المعروف، مَنّاعٌ، شديدُ
تعرَّضَ بي، ِلأَهْجُوَه، وبيني ... وبين هجائه أَحَدٌ بعيدُ
وهَجْوِي، لا أُعرّضُه لقردٍ، ... مخافةَ أن تدنّسَهُ القرودُ
وأنشدني أيضاً لنفسه:
لو كان لله بابُ جنّتِهِ ... كما على بابكم من الرَّدّ،
تكبَّرَ الخَلْقُ عن عبادته ... وجاهَرُوه بالكفر والجَحْدِ
واقترَحُوا النّارَ والخلودَ بها ... على النَّعيم الباقي، من الدَّرْدِ
وأنشدني أيضاً لنفسه:
ما بِهِمُ، مَعْ سوءِ أخلاقِهمْ، ... إلى ارتتاج الباب من حاجِ
وُجوهُهم أمنعُ من بابهمْ ... أين الصَّفا الصَّلْدُ من السّاجِ؟
لِلّؤم شرعٌ، وهُمُ رُسْلُهُ، ... وعنهُمُ جاء بمِنْهاجِ
وأنشدني لنفسه، في الإلغاز في حكة الجرب:
وما شيءٌ، نعوّذُ منه؟ حتّى ... إذا باشرتَه، استكثرتَ منه
أَلَذُّ به، سِوى عيني وسمعي، ... فإِنّهما لَمُلْتَفِتانِ عنه
وأنشدني أيضاً لنفسه، يلغز بالبرغوث:
ما نائمٌ، إذا وَثَبْ ... يرقُصُ من غير طرَبْ؟
وإنّما رقصتُهُ ... تُظهرُ للغير الحَرَبْ
مُعاشرٌ، لكنَّه ... يُكثر من سوء الأدبْ
يُؤخَذُ في تهمته ... مَنْ لم يكن له الطَّلَبْ
وعينُه إذا أَصا ... بَ قِرْنَه ينوي الهربْ
يُقْدِمُ، والشَّمسُ لها ... صُبَابةٌ من اللهبْ
يرحَلُ، والكَيّالُ يَهْ ... دِي، والقَفِيرُ ينقلِبْ
في بغداد يكون أوان البراغيث من أول الربيع إلى حين وقوع قسمة الغلات.
وأنشدني أيضاً لنفسه، يلغز بالكتاب:
وذي غربةٍ، يُلْهيك عندَ قدومِه ... ويُلْقي إليه سِرَّه ويُذيعُهُ
خفيفٌ، إذا استعبرتَه، وَهْو راجحٌ ... من الفضل، محبوبٌ إليه صَنِيعُهُ
ويجفوه من بَعدِ البشاشةِ مُعرِضاً ... كأنّك لم يُبْهِجْك يوماً طلوعُهُ
وأنشدني لنفسه:
يا صاحِبَيَّ، إليكما عن شاني ... لا تُكْثرا عَذْلي، ولا تَسَلاني
ما لي على البَيْن المُشِتّ سَلْمِتُمتا جَلَدٌ، ومالي بالفراق يدانِ
فإِليكما عن مفرد، أَلِفَ النَّوَى ... تِرْبِ الهموم، مولَّدِ الأَحزانِ
ضرَبَ البِعادُ عليه عُمْدَ قِبابِه، ... فطواه عن سَكَنٍ وعن إِخوانِ
فإذا صبا، ولوى عِنانَ رحيلهِ ... بالقرب، مبتجهاً، إلى الأوطانِ
ففراقُه المحتومُ موتٌ أوّلٌ، ... وصدوفُ نِيَّتِه حِمامٌ ثانِ
ما لي وللبَيْنِ المصرّف صَرْفه ... من بعدِ أحبابي وهجر مكاني؟
كيف السَّبيلُ عليه، وهو محمِّلي ... ما لا أُطيقُ، وفي يديه عِناني؟
إلى هذا الموضع، أملاه علي في تلك السنة ب، واسط.
وأنشدني لنفسه ب واسط في صفر سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة:
كم ذا الوقوف بنا على الإِبْلِ؟ ... أَوْرِدْ قَلُوصي ماءَ ذي الأَثْلِ
واعدِلْ إلى ذات اليمين بنا ... واحطُطْ بربع بريكة رَحْلِي
مَغنّىً، عَفَت آيات مَلُعَبِهِ ... ومحت مَعالمَه يَدُ المَحْلِ
أودعتُ قلبي في رَبائبه ... وعقَلْتُ في عَرَصاته عقلي
وبكَيْتُ حينَ رأيتُ ما صنَعت ... أيدي النَّوَى بالرَّبْعِ والشَّمْلِ
أكبرته، فوَطِئْتُ تُربتَه ... بحَشايَ، لا بمَناسِمِ الإِبْلِ
وطَفِقْت أُنشِدُ فيه، حينَ خلا ... منهم، بما يُغري، ولا يُسْلِي
لا لبيضَّ لي، في الدَّهر بعدَهُمُ، ... يومٌ. وهل دارٌ بلا أهلِ؟
هذا البيت، ل مهيار. وهو، ها هنا، تضمين.