ولما فتح كسرى بلاد العجم وأحكم البنيان وشيد الحصون ومهد البلاد ونشر العدل والإنصاف في الحاضر والباد، وجند الجنود وحشد الحشود، سار إلى نحو الجزيرة وآمد، وفتح ما هناك من البلاد إلا آمد فإنه عجز عنها لتشييد بنائها وتمكين سورها، فرحل إلى الفرات وافتتح حلب وأعمالها وكثيراً من الشام، وغدر بقيصر ملك الشام والروم؛ وقتل ابن أخته بحمص ثم سار إلى أنطاكية وقتل صاحبها وافتتحها. فخاف قيصر وهادنه وحمل إليه الجزية. وكان ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك نزل قوله تعالى: " ألم غُلِبَتِ الرومُ في أدنى الأرض وهمُ من بَعدِ غلَبهم سَيغلِبون ". والقضية قصة مشهورة ليس هذا موضع ذكرها.

قال: وحمل كسرى من الشام من أعاجيب الرخام وبدائع المرمر وأنواع البلاط المجزع والأحجار البهجة؛ فبنى بالعراق مدينة تسمى برومية وزخرفها بأبهى ما قدر عليه، وكان أراد أن يصنع ذلك بآمد فلم يقدر على أخذها وفتحها؛ فجعل رومية على هيئتها وشكلها. واشتد سلطان كسرى وعظم ملكه حتى هابته ملوك الأرض وهادنته وحملت إليه الجزية، وتزوج بشاه روزا ابنة خاقان ملك الترك ولم يكن في زمانها أكمل منها محاسن، ولا أبدع صورةً وشكلاً.

وكتب إليه ملك الصين: من نقفور ملك الصين صاحب قصر الدر والجواهر، الذي يجري في ساحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015