قال الألوسي: "وذهب كثير من الناس إلى أن المراد من النفر الخروج لطلب العلم، فالآية ليست متعلقة بما فيها من أمر الجهاد، بل لما بينّ سبحانه وجوب الهجرة والجهاد، وكل منهما سفر لعبادة، فبعدما فضل الجهاد ذكر السفر الآخر، وهو الهجرة لطلب العلم، فضمير يتفقهوا وينذروا للطائفة المذكورة، وهي النافرة، وهو الذي يقتضيه كلام مجاهد، فقد أخرج عنه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما أنه قال: إن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا في البوادي، فأصابوا من الناس معروفاً ومن الخصب ما ينتفعون به ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى، فقال لهم الناس: ما نراكم إلا قد تركتم أصحابكم وجئتمونا، فوجدوا في أنفسهم من ذلك حرجاً، وأقبلوا من البادية كلهم حتى دخلوا على النبيصلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ ... } الخ.

وذكر بعضهم أن في الآية دلالة على أن خبر الواحد حجة، لأن عموم كل فرقة يقتضي أن ينفر من كل ثلاثة تفردوا بقرية طائفة إلى التفقه لتنذر قومها كي يتركوا ويحذروا، فلو لم يعتبر الإخبار مالم يتواتر لم يفد ذلك.

وقرر بعضهم وجه الدلالة بأمرين:

الأول: أنه تعالى أمر الطائفة بالإنذار، وهو يقتضي فعل المأمور به وإلا لم يكن إنذاراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015