أحدها: الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم النظري. وممن صرح به إمام الحرمين، والغزالي، والرازي1، والسيف الآمدي وابن الحاجب ومن تبعهم.
ثانيها: الخبر المستفيض الوارد من وجوه كثيرة لا مطعن فيها يفيد العلم النظري للمتبحر في هذا الشأن. وممن ذهب إلى هذا الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والأستاذ أبو منصور التميمي، والأستاذ أبو بكر بن فورك. وقال الأنباري شارح البرهان- بعد أن حكى عن إمام الحرمين أنه ضعف هذه المقالة- بأن العرف واطراد الاعتبار لا يقتضي الصدق مطلقاً، بل وقصاراه غلبة الظن لعلية الإسناد، أراد أن النظر في أقوال المخبرين من أهل الثقة والتجربة يحصل ذلك، ومال إليه الغزالي.
وإذا قلنا: إنه يفيد العلم، فهو نظري لا ضروري، وبالغ أبو منصور التميمي في الردّ على من أبى ذلك، فقال: المستفيض- وهو الحديث الذي له طرق كثيرة صحيحة لكنه لم يبلغ التواتر- يوجب العلم المكتسب ولا عبرة بمخالفة أهل الأهواء في ذلك.
ثالثها: ما قدمنا نقله عن الأئمة في الخبر إذا تلقته الأمة بالقبول، ولا شك أن إجماع الأمة على القول بصحة الخبر أقوى في إفادة العلم من القرائن المحتفة ومن مجرد كثرة الطرق.