فكيف يسوغ والحالة هذه أن يساوى بين العدل وغيره؟ حتى يقال: لأنا نعلم ضرورة أنا لا نصدق كل خبر نسمعه، كيف؟ وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} 1، فهذه الآية نصت على وجوب التبين في خبر الفاسق، وهي تدل بمفهوم الشرط على وجوب قبول خبر العدل المعتبر عند الأصوليين عدا الأحناف، وهم وإن خالفوا في حجية مفهوم الشرط، فقد استدلوا بالآية على وجوب قبول خبر الواحد العدل. فقالوا: "أمر بالتبين، وعلل بمجيء الفاسق بالخبر، إذ ترتيب الحكم على الوصف المناسب يشعر بالعلية ولوكان كون الخبر من أخبار الآحاد مانعاً من القبول، لم يكن لهذا التعليل فائدة، إذ علية الوصف اللازم، تمنع من علية الوصف العارض"2.
وأجابوا عن الثاني: بأنه يمتنع أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من كل وجه، بحيث لا يكون مع أحدهما ما يرجح به على الآخر3.