مثل خلق الرسول الرفيع وحنانه العظيم لا يمكن ان يخفق البتة. والحق ان أحدا لا يستطيع ان يزعم لنفسه نفاذا إلى خلق الرسول أبعد من نفاذ خديجة. فأدق تفاصيل حياة الزوج لا يمكن ان تخفى عن زوجته.

وبمثل هذه المعرفة الحميمة لافكاره الاشدّ ايغالا في الباطن استشعرت انها مقتنعة بأن محمدا هو وحده الشخص المؤهل لتلقّي النداء الالهي لاصلاح البشر. وهكذا كانت خديجة أول من آمن برسالة النبي وأكثرهم غيرة وحماسة.

وبعد خديجة يأتي ورقة [بن نوفل] في مقدمة المؤمنين الاولين.

لقد التحق بالرفيق الأعلى خلال فترة انقطاع الوحي، وبذلك حرم الفرصة لاعلان اسلامه رسميا. ومع ذلك فقد شهد في أثناء اجتماعه بالرسول، ذلك الاجتماع الذي ألمعنا اليه من قبل والذي هيأته خديجة، أن محمدا هو من غير ريب النبي الموعود. وهذا وحده يؤهله لاحتلال مقام متقدم في لائحة المؤمنين.

ثم يجيء أبو بكر، أحد وجوه المكّيين وأعيانهم. كان يتمتع عند القوم باحترام عظيم بالنظر إلى رجاحة عقله، وكان ينعم بشعبية واسعة بين مواطنيه. والواقع ان أبا بكر كان صديقا للرسول قبل أن يتلقّى الوحي بزمن طويل. وكان ايمانه بصدقه وأمانته وطيدا كأيمان خديجة بهما.

ومثل خديجة، لم يتزعزع ايمان ابي بكر لحظة واحدة. فما ان سمع محمدا يدعو إلى دين جديد حتى أعلن انه هو رسول الله. لقد كان أول المؤمنين من الرجال.

وكان عليّ، ابن عم الرسول ابي طالب، في طليعة المؤمنين الأولين أيضا. لقد عرف الرسول معرفة جدّ حميمة، ذلك بأنهما كانا قد ترعرعا معا في كنف والد عليّ ورعايته العطوف. فلم يتردد، وهو العالم بأن صدق الرسول لا يرقى اليه الشك، في تصديقه والايمان برسالته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015