بالعون الالهي لحظة واحدة، ولم يتراجع هو قيد شعرة أمام أدهى المصاعب وأكأدها.

وأخيرا انتهت فترة انقطاع الوحي. لقد بدت، في عيني الرسول، طويلة إلى حد استثنائي، ذلك بأنها كانت فترة انفصال عن الذات التي أحبّها من صميم فؤاده. وبهذا المعنى بالذات اعتبر بعضهم تلك الفترة طويلة. والواقع ان انقطاع الوحي كان لحكمة الهية. فقد كان الأرهاق الذي لازمه قد أثّر في صحة الرسول تأثيرا سيئا. وكان من الجائز أن لا يقوى جسمه على احتمال تكرار له سريع. وهكذا كانت الفترة أمرا ضروريا حفاظا على عافيته الجسمانية. وحتى بعد انصرام مدة من الزمن لا يمكن أن تتجاوز بأية حال ستة أشهر، ظل الوحي مصحوبا بالشعور نفسه، وإن تكن وطأته قد خفّت بعض الشيء. وكرة أخرى: سأل خديجة، من غير ان يستبدّ به الرّوع بقدر ما استبدّ به من قبل، أن تدثّره. وكانت هذه أول مرة كلّف فيها أن يؤدي رسالته تكليفا جديا: «يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ.» * وهذا ما قاد إلى مرحلة أخرى في حياة الرسول- مرحلة اعلان كلمة الله، وابلاغ رسالته إبلاغا ناشطا للناس أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015