مجيء هود، الذي ظهر في فترة غرقت فيها الامة في احطّ دركات التكالب على الدنيا. ولكنهم اعاروا هذا النبي أذنا صماء، فعاقبهم الله عقابا قاسيا؛ لقد أهلكهم بعاصفة رملية هبّت عليهم من الصحراء، التي تقع شماليّ الاحقاف والتي تدعى «الرّبع الخالي» ، أي الرّبع الجديب. وهكذا شخصت ثمود إلى الجبال فنحتت بيوتها في الصخور. *

حتى إذا حانت ساعة هلاكهم عجزت معاقلهم عن إنجائهم. لقد لقوا حتفهم بزلزال أهلكهم. ونظرة إلى خريطة بلاد العرب ترينا ان الله بعث هودا واسماعيل لأهل الجنوب، وبعث صالحا وشعيبا لأهل الشمال.

اما الجزء الأوسط، المعروف بالحجاز فظلّ من غير نبي. ولكن زيارة ابراهيم لمكة، وتركه اسماعيل هناك، وبناءه الكعبة بعد ذلك، كل اولئك قد ربط اسم ابراهيم ببعض مواطن الحجاز حتى يوم الناس هذا.

وخلال بعثات الرسل الاسرائيليين بلغت عبادة الاوثان في بلاد العرب أوجها. ووفّق سليمان إلى إقناع ملكة اليمن [بلقيس] بوحدانية الله، وأتبع ذلك بتموّج واهن اعترى مياه الحياة الدينية في بلاد العرب، فقد هاجر اليهود واستقروا هناك، ربما حوالى القرن الخامس قبل الميلاد، عندما طردهم نبوخذ نصّر من ديارهم. وكانت النبوآت المتحدثة عن ظهور خاتم النبيّين من أرض بلاد العرب منتشرة بينهم أيضا. من أجل ذلك اتخذوا من هذه البلاد مفزعا لهم، وأمست خيبر مستعمرة يهودية خالصة.

حتى إذا توطدت أقدامهم هناك شرعوا يدعون الناس إلى الدخول في دينهم. وحوالى القرن الثالث قبل الميلاد اعتنق ملك اليمن، ذو نواس، اليهودية. فكان في هذا ما أعطى حركة التهوّد زخما جديدا؛ ومع كرّ الايام اكتسبت اليهودية سلطانا كبيرا في الجزيرة العربية. ولكن الأمة العربية، ككلّ، ظلت متعلقة بأهداب الديانة الوثنية الموروثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015