ولاحت النهاية المشؤومة لكل عين، تنبأ القرآن الكريم بأن الامبراطورية الرومانية سوف تهزم فارس قبل انقضاء تسعة أعوام: «الم. غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ.

فِي بِضْعِ سِنِينَ، لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ، يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.» * وهكذا عندما انتصر المسلمون في بدر وفّقت الامبراطورية الرومانية إلى استرداد أراضيها المفقودة، واندفعت قواتها حتى بلغت تخوم فارس نفسها. ولكن الامبراطورية الرومانية لم تستطع أن تغضي عن تعاظم قوة الاسلام أو ترضى به. وكانت مناوشة قد حدثت ذات مرة، في مؤتة، بين المسلمين والبيزنطيين. حتى إذا تسامعت ديار الشام، الآن، بأن بلاد العرب كلها أنشأت تنضوي تحت لواء الاسلام، تطرّق الحسد الديني إلى نفوس النصارى. كان الأمل قد راودهم في أن يوفّقوا إلى تنصير بلاد العرب. ولقد خيّل لهم ان هجوما يشنّونه على الجزيرة خليق به على الأقل ان يعوق انتشار الاسلام. وبلغ المسلمين ان قيصر قد عبّأ قوة ضخمة لسحق الاسلام، وان القبائل النصرانية في بلاد العرب قد تضافرت معه.

وكانت قبائل غسان، بخاصة، مصدر خطر على أمن الجزيرة العربية.

فلم يكد النبيّ يتلقّى ذلك النّبأ حتى أمر بإعداد جيش يزحف إلى تخوم الشام.

إن القرآن الكريم يوصي بتحصين الحدود، كاحتراز من غزو مفاجئ.

والرسول، لم يدّخر، من ناحية روحية، وسعا لحماية قومه من جميع هجمات الشيطان المحتملة. وهكذا لم يكن في مستطاعه أن يستخفّ بالانباء المتوالية عن استعدادات قيصر الضخمة لأبادة الاسلام. وكانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015