بل لقد تقدّموا جيرانهم في كل ميدان من ميادين الحياة تقريبا.

ولدن وصول النبي إلى المدينة عقد اليهود اتفاقا مع المسلمين.

ولكن ازدهار الاسلام المتعاظم اضرم في قلوب اليهود شرارة الحسد.

ولقد وفّقوا، ببقائهم على اتصال بالمنافقين سرّيّ، إلى انزال أعظم الاذى بالمسلمين. ولم يتورّعوا حتى عن ايذاء الرسول نفسه، الذي كانوا يوجهون اليه كلمات بذيئة نابية. كانوا، مثلا، إذا ما تحدّثو اليه حرفوا كلمة «راعنا» التي تعني «أصغ الينا» إلى «رعينا» وتعني «إنه مجنون» بسبب من حذف حرف العلة. وكذلك كانوا يحرفون كلمة «السلام عليكم» فيلفظونها «السّام عليكم» أي الموت لكم. واصطنع اليهود خططا بارعة عديدة للاضرار بقضية الإسلام.

فكان بعضهم يعتنقون الدين الجديد وكل قصدهم ان يخرجوا من حظيرته عددا من المسلمين كبيرا. وما كان في بادئ الأمر حسدا انتهى مع الايام إلى أن يغدو عداوة حقيقية. لقد عرّضوا بالسيدات المسلمات في أبيات من الشعر الفاحش، أيضا. بل لقد انحطوا إلى درك مضايقتهن في الشوارع. وقد أفضت إحدى هذه الحوادث إلى مقتل رجل يهودي وآخر مسلم في شارع بالمدينة، وإلى نشوب قتال حقيقي بين الطائفتين.

وعمد بنو قينقاع، القبيلة اليهودية التي وقع الشر بينها وبين المسلمين، إلى تحذير هؤلاء زاعمين انهم ليسوا مثل قريش، وانهم سوف يلقون على أصحاب محمد درسا قاسيا. وهكذا نقضوا عهدهم، واعتصموا في حصونهم عاقدين العزم على مقاتلة المسلمين. وتعيّن على المسلمين أيضا أن يتأهبوا للحرب، فألقوا الحصار على تلك الحصون. وبعد خمسة عشر يوما انقضت على الحصار استسلم بنو قينقاع وأبدوا استعدادهم لقبول أيما عقوبة يرى الرسول إنزالها بهم، جزاء نقضهم عهده. لقد طلب اليهم أن يجلوا عن المدينة، ففعلوا، واستقروا في [أذرعات] من بلاد الشام. وإنما تم ذلك بعد شهر واحد، تقريبا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015