إلى خير قط إلا سبقني إليه. وحمل العباس بن عبد المطلب، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم مالاً، وحمل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إليه مائتي أوقية، وحمل سعد بن عُبادة رضي الله عنه إِليه مالاً، وكذلك محمد بن مَسْلمة رضي الله عنه، وتصدَّق عاصم بن عدي رضي الله عنه بتسعين وَسْقاً تمراً، وجهّز عثمان بن عفّان رضي الله عنه ثلث ذلك الجيش، وكان من أكثرهم نفقة حتى كفى ثلث ذلك الجيش مؤونتهم؛ حتى إِنْ كان ليُقال ما بقيت لهم حاجة، حتى كفاهم إِشفي أسقيتهم؛ فيقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذٍ: «ما يضر عثمانَ ما فعل بعد هذا» .
ورغب أهل الغنى في الخير والمعروف واحتسبوا في ذلك الخير، وقوي ناس دون هؤلاء من هو أضعف منهم، حتى إنَّ الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول: هذا البعير بينكما تعتقبانه، ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج، حتى إنْ كنّ النساءُ ليُعِنَّ بكل ما قَدَرْن عليه. لقد قالت أم سِنَان الأسلمية رضي الله عنها: لقد رأيت ثوباً مبسوطاً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها فيه؛ مَسَكٌ، ومعاضِدُ، وخلاخلُ، وأقُرِطةٌ، وخواتيمُ، وقد مُلىء ممَّا بعث من النساء يُعِنَّ به المسلمين في جهَازهم، والناس في عُسْرة شديدة وحين طابت الثمار وأُحبّت الظِّلال، فالناس يحبُّون المقام ويكرهون الشخوص عنها على الحال من الزمان الذي هم عليه. وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنكماش والجدِّ، وضرب رسول الله عسكره بثَنِيَّة الوَداع، والناس كثير لا يجمعهم كتاب؛ قلَّ رجل يريد أن يتغيّب إلا ظَنَّ أن ذلك سيخفَى له ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله.