كيف تركت الصحابة أوطانهم العزيزة مع أن فراق الوطن شديد على النفوس، بحيث أنّهم لم يرجعوا إلى أوطانهم إلى الموت؟ وكيف كان ذلك أحبَّ إليهم من الدنيا ومتاعها؟ وكيف قدَّموا الدِّين على الدنيا، فلم يبالوا بضياعها ولم يلتفتوا إلى فنائها؟ وكيف يفرُّون من بلاد إلى بلاد إحتفاظاً لدينهم من الفتنة، فكأنهم كانوا قد خُلقوا للآخر وكانوا من أبنائها فصارت الدنيا كأنها خُلقت لهم.