وأخرج الطبري أيضاً عن سليمان بن بُرَيدة أن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - كان إذ اجتمع إليه جيش من أهل الإِيمان أمَّر عليهم رجلاً من أهل العلم والفقه، فاجتمع إليه جيش، فبعث عليهم سَلَمة بن قيس الأشجعي رضي الله عنه، فقال سِرْ باسم الله، قاتل في سبيل الله من كفر بالله. فإذا لقيتم عدوَّكم، من المشركين فادعوهم إلى ثلاث خصال: أدعوهم إلى الإِسلام، فإن أسلموا فاختاروا دارهم فعليهم في أموالهم الزكاة وليس لهم في فيء المسلمين نصيب، وإن اختاروا أن يكونوا معكم فلهم مثل الذي لكم وعليهم مثل الذي عليكم. فإن أبَو فادعوهم إلى الخراج، فإن أقرّوا بالخراج فقاتلوا عدوهم من ورائهم، وفرِّغوهم لخراجهم ولا تكلفوهم فوق طاقتهم. فإن أبَوا فقاتلوهم فإنَّ الله ناصرُكم عليهم، فإن تحصَّنوا منكم في حصن فسألوكم أن ينزلوا على حكم الله وحكم رسوله فلا تنزلوهم على حكم الله، فإنكم لا تدرون ما حكم الله ورسوله فيهم، وإِن سألوكم أن ينزلوا على ذمة الله وذمة رسوله (فلا تعطوهم ذمّة الله وذمة رسوله) وأعطوهم ذمم أنفسكم، فإن قاتلوكم فلا تغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليداً. قال سلمة: فسرنا حتى لقينا عدوَّنا من المشركين، فدعوناهم إلى ما أمر به أمير المؤمنين، فأبَوا أن يسلموا، فدعوناهم إلى الخراج فأبَوا أن يقرّوا، فقاتلناهم فنصرنا الله عليهم، فقتلنا المقاتلة، وسبينا الذرية، وجمعنا الرِّثَّة - فذكر الحديث بطوله جداً.