دعوته، وقد ساعد الوضع السياسي المضطرب في حريملاء الحزب المعارض على الانتصار، حيث كان في حريملاء قبيلة كبيرة انقسمت مع الزمن إلى فرعين وكان كل منهما يتطلع إلى الزعامة، وكانت الرئاسة دولة بينهما، فإذا حكم أحدهما لم يكن له على الآخر أمر ولا نهي، فكان الفرع القائم على الزعامة بمثابة الحزب المعارض اليوم، ولكنها معارضة قائمة على الشغب والعدوان والإفساد في الأرض1.
وكان للفرع الحاكم زمن محمد بن عبد الوهاب عبيد أشداء عتاة مفسدون كثر فسقهم واعتداؤهم على الناس، وكثرت جرائمهم، فنهاهم الشيخ فكبر ذلك عليهم، فهموا باغتياله، فبيتوا مؤامرة للقضاء عليه، وتسوروا عليه جدار منْزله ليلا، وكادوا يقتلونه لولا أن رآهم أحد الجيران فصاح بهم ونبه الناس إليهم فهربوا. ولقد أدرك الشيخ بعد هذه المؤامرة أن لا بقاء له في حريملاء وأن من الأفضل له ولدعوته أن يهاجر إلى العيينة دار نشأته، وموطن أسرته وأصدقائه.
وكان أمير العيينة في ذلك الوقت عثمان بن معمر الذي أعلن قبوله للدعوة وتأييدها. ومما سبق نستطيع القول أن الفترة التي قضاها الشيخ محمد في حريملاء هي الفترة التأسيسية الأولى من مراحل الدعوة، ففي خلال هذه الفترة كان الشيخ قد أعد نفسه للوثبة الكبرى وهي البدء في تنفيذ برنامجه الإصلاحي.