كأنهم لم يذنبوا، من بيني وبينهم، أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسيء، من ذا الذي دعاني فلم أسمع إليه؟ أو من ذا الذي سألني فلم أعطه؟ أم من ذا الذي أناخ ببابي ونحيته، أنا الفضل ومني الفضل، أنا الجود ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي أن أغفر للعاصي بعد المعاصي، ومن كرمي أن أعطي التائب كأنه لم يعصني، فأين عني تهرب الخلائق، وأين عن بابي يتنحى العاصون؟. [الحلية (تهذيبه) 3/ 12].
* وعن الحسن بن علي العابد قال: قال فضيل بن عياض رحمه الله لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة، قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تبلغ، فقال الرجل: يا أبا علي إنا لله وإنا إليه راجعون، قال له الفضيل: تعلم ما تقول؟ قال الرجل: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الفضيل: تعلم ما تفسيره؟ قال الرجل: فسره لنا يا أبا علي، قال: قولك إنا لله، تقول: أنا لله عبد وأنا إلى الله راجع، فمن علم أنه عبد الله وأنه إليه راجع، فليعلم بأنه موقوف، ومن علم بأنه موقوف، فليعلم بأنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول، فليعد للسؤال جوابًا، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: [يسيرة] (?) قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي، يغفر لك ما مضى وما بقي، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي. [الحلية (تهذيبه) 3/ 28].
* وعن وهيب بن الورد رحمه الله قال: بلغنا أنه ما من ميت يموت، حتى يتراءى له ملكاه اللذان كانا يحفظان عليه عمله في الدنيا، فإن كان صحبهما بطاعة، قالا له: جزاك الله عنا من جليس خيرًا، فربَّ مجلس صدق قد أجلستناه، وعمل صالح قد أحضرتناه، وكلام حسن قد أسمعتناه، فجزاك الله عنا من جليس خيرًا، وإن كان صحبهما بغير ذلك، مما ليس لله برضى، قلبا عليه الثناء فقالا: لا جزاك الله عنا من جليس خيرًا، فرب مجلس سوء قد أجلستناه، وعمل غير صالح قد أحضرتناه، وكلام قبيح قد أسمعتناه، فلا