* وخرج زياد حتى أتى حُرَقة بنت النعمان بن المنذر، فقال: أخرجوها إلي، وقد لبست المُسوح، فخرجت، فقال حدثني عن أهلك؟ قالت: أصبحنا وما في العرب أحد إلا يرجونا أو يخافنا، وأمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 6/ 18].

* وعن محبوب العابد رحمه الله قال: مررت بدار من دور الكوفة، فسمعت جارية تنادي من داخل الدار

ألا يا دار لا يدخلك حُزن ... ولا يَذهبْ بساكنك الزمان

ثم مررت بالدار فإذا الباب وقد علته كآبة ووحشة، فقلت: ما شأنهم؟ قالوا: مات سيدهم، مات رب الدار، فوقفت على باب الدار فقرعته، وقلت: إني سمعت من ههنا صوت جارية تقول:

ألا يا دار لا يدخلك حُزن ... ولا يَذهبْ بساكنك الزمان

فقالت امرأة من الدار وبكت: يا عبد الله إن الله تعالى يُغيِّر ولا يغيَّر، والموت غاية كل مخلوق، فرجعت والله من عندهم باكيا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 6/ 19].

* وعن علي بن دينار قال: دخل محمد بن زيدان الكاتب يوما على يحيى بن خالد بن برمك، فرآه مهموما مفكرا، ينكت في الأرض، فقلت: أصلحك الله قد طال فكرك، ففيم ذاك، هذا ابنك الفضل على خراسان، وجعفر على العراق، ومحمد على اليمن، وموسى على الجبال، وأنت فيما أنت فيه، فقال: ويحك ففي هذا كان فكري، ولِما نحن فيه كثر همي، أنا علمت أن جدي برمك كان ينزل النُّوبَهار، وكان يقدم في كل سنة على هشام بن عبد الملك، فكان يألف دهْقانا بالجبل ينزل عليه ذاهبا وينزل عليه راجعا، وكان في دنيا عريضة، وأمْرٍ واسع جدا، فقال له جدي مرة في بعض نزوله عليه: إنك من الدنيا لفي أمر واسع وخير كثير، هؤلاء ولدك قد ساووك، وأموالك منتشرة، وجاهك عريض، قال: وما ينفعني من ذلك وقد تكدر كل ما أنا فيه بصاحبتي أم أولادي، هي الدهر باكية ليلها ونهارها، فما أتهنى بشيء مما أنا فيه، قلت: أفتأذن لي في كلامها؟ قال: نعم شأنك وذاك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015