* وأتى صفوان بن سليم محمد بن المنكدر رحمه الله وهو في الموت، فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت؟!، فما زال يهون عليه الأمر ويتجلى عن محمد، حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له محمد: لو ترى ما ألاقيه: لقرت عينك! ثم قضى. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/ 358].
* وقال عبد الله مؤذن مسجد بني جراد: جاورني شاب فكنت إذا أذنت للصلاة وافى كأنه نقرة في قفاي، فإذا صليت صلى ثم لبس نعليه ثم دخل إلى منزله، فكنت أتمنى أن يكلمني أو يسألني حاجة، فقال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله، عندك مصحف تعيرني أقرأ فيه، فأخرجت إليه مصحفًا ورفعته إليه فضمه إلى صدره، ثم قال: ليكونن اليوم لي ولك شأن، ففقدته ذلك اليوم، فلم أره يخرج، فأقمت للمغرب فلم يخرج، وأقمت العشاء الآخرة فلم يخرج، فساء ظني، فلما صليت العشاء الآخرة جئت إلى الدار التي هو فيها، فإذا فيها دلو ومطهرة، وإذا على بابه ستر، فدفعت الباب فإذا به ميت والمصحف في حجره، فأخذت المصحف من حجره، واستعنت بقوم على حمله حتى وضعناه على سريره، وبقيت أفكر ليلتي من أكلم حتى يكفنه، فأذنت للفجر بوقت، ودخلت المسجد لأركع، فإذا بضوء في القبلة، فدنوت منه فإذا كفن ملفوف في القبلة، فأخذته وحمدت الله - عزَّ وجلَّ - وأدخلته البيت وخرجت، فأقمت الصلاة، فلما سلمت إذا عن يميني ثابت البناني، ومالك بن دينار، وحبيب الفارسي، وصالح المري، فقلت: يا إخواني، ما غدا بكم؟ قالوا لي: مات في جوارك الليلة أحد، قلت: مات شاب كان يصلي معي الصلوات، فقالوا لي: أرناه، فلما دخلوا عليه كشف مالك بن دينار عن وجهه، ثم قبل موضع سجوده، ثم قال: بأبي أنت يا حجاج إذا عرفت في موضع تحولت منه إلى موضع غيره، ثم أخذوا في غسله وإذا مع كل واحد منهم كفن، فقال واحد منهم: أنا أكفنه، فلما طال ذلك منهم قلت لهم: إني فكرت في أمره الليلة فقلت: من أكلم حتى يكفنه، فأتيت المسجد فأذنت ثم دخلت لأركع فإذا كفن ملفوف لا أدري من وضعه، فقالوا: يكفن في ذلك الكفن، فكفناه وأخرجناه فما كدنا نرفع جنازته من كثرة من حضره من الجمع. [المنتظم 7/ 148].