قال: ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدبرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي، فأتيته وهو جالس، فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استدبرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي قال: فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تحول فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع ذلك أصحابه. [المنتظم 5/ 20 - 25].

* وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: كنت للإسلام مجانبًا معاندًا، حضرت بدرًا مع المشركين فنجوت، ثم حضرت أحدًا فنجوت، ثم حضرت الخندق فنجوت، فقلت في نفسي: كم أوضع؟ والله ليظهرن محمد على قريش فلم أحضر الحديبية ولا صلحها، وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلح، ورجعت قريش إلى مكة، فجعلت أقول: يدخل محمد إلى مكة بأصحابه، ما مكة لنا بمنزل ولا الطائف، وما شيء خير من الخروج، وأنا بعد نأي عن الإسلام، أرى لو أسلمت قريش كلها لم أسلم، فقدمت مكة، فجمعت رجالاً من قومي كانوا يرون رأيي ويسمعون مني، ويقدموني فيما نابهم، فقلت لهم: كيف أنا فيكم؟ قالوا: ذو رأينا ومدد وهننا مع يمن نَقِيبة وبركة أمر، قلت: تعلمون والله إني لأرى أمر محمد يعلو الأمور علوًا منكرًا، وإني قد رأيت رأيًا، قالوا: ما هو؟ قلت: نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن يظهر محمد كنا عند النجاشي تحت يديه أحب إلينا أن نكون تحت يدي محمد، وإن تظهر قريش فنحن من قد عرفوا، قالوا: هذا الرأي، قلت فاجمعوا ما تهدون له، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم، فجمعنا أدمًا كثيرًا ثم خرجنا فقدمنا على النجاشي فوالله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعثه إليه بكتاب كتبه إليه يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فدخل عليه ثم خرج من عنده، فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، ولو قد دخلت على النجاشي سألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك سررت قريشًا وكنت قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015