وهو يرى التوبة منها، ولو لم يرها لم يكن مؤمنًا، ورؤيته التوبة منها حسنة، ويكره الدلالة عليها، ولو لم يكره الدلالة عليها لم يكن مؤمنًا، وكراهة الدلالة عليها حسنة. ويكره الموت عليها، ولو لم يكره الموت عليها لم يكن مؤمنًا، وكراهته للموت عليها حسنة، فهذه خمس حسنات، وهي بخمسين حسنة، الحسنة بعشر أمثالها، لقوله - تعالى -:: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] فهذه تصير مائة حسنة فما ظنكم بسيئة تعتورها مائة حسنة وتحيط بها، والله تعالى يقول: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] وما ظنكم بثعلب بين مائة كلب أليس يمزقونه.
ثم بكى سهل وقال: لا تحدثوا بهذا الجهال من الناس فيتكلوا ويغتروا، فإن هذه السيئة هي شيء عليه، وحسناته هي أشياء له، وما عليه: فلله أن يأخذه به، ويكون عادلًا بعقوبته عليه، وماله: لا يظلمه الله - عزَّ وجلَّ - بل يوفيه ثوابه وإن كان بعد حين. ومن يصبر على حر نار جهنم ساعة واحدة؟ ولكن بادروا بالتوبة من هذه السيئة حتى تأمنوا العقوبة، وتصيروا أحباب الله، فإن الله يحب التوابين. (?)
[الحلية (تهذيبه) 3/ 338].
* وقال يحيى بن معاذ رحمه الله: لولا أن العفو من أحب الأشياء إليه ما ابتلَى بالذنب أكرَم الخلق عليه. [صفة الصفوة 4/ 341].