احتضرت، افتح صرّة على كم جبتي. قال: ففتحتها فإذا فيها خاتم عليه فصّ أحمر، فقال: إذا أنا مت ودفنتني فخُذ هذا الخاتم، ثم ادفعه إلى هارون الرشيد أمير المؤمنين، فقل له: يقول لك صاحب هذا الخاتم: ويحك لا تموتن على سكرتك هذه فإنك إن مت على سكرتك هذه ندمت. قال: فلما دفنته سألت يوم خروج هارون الرشيد أمير المؤمنين، وكتبت قصة، وتعرضت له وأوذيت أذى شديدًا، فلما دخل قصره وقرأ القصة وقال: عليّ بصاحب هذه القصة. قال: فأدخلت عليه وهو مغضب يقول: يتعرضون لنا ويفعلون. فلما رأيت غضبه أخرجت الخاتم، فلما نظر إلى الخاتم قال: من أين لك هذا الخاتم، قلت: دفعه إليَّ رجل طيَّان. فقال لي: طيَّان طيَّان، وقرّبني منه. فقلت: يا أمير المؤمنين إنه أوصاني بوصية. فقال لي: ويحك! قل. فقلت: يا أمير المؤمنين إنه أوصاني إذا أوصلت إليك هذا الخاتم أن أقول لك يقرئك صاحب هذا الخاتم السلام ويقول لك: ويحك لا تموتن على سكرتك هذه فإنك إن مت عليها ندمت. فقام على رجليه قائمًا وضرب بنفسه على البساط، وجعل يتقلب عليه ويقول: يا بني نصحت أباك. فقلت في نفسي: كأنه ابنه، ثم جلس وجاؤوا بالماء، فمسحوا وجهه، وقال: كيف عرفته؟ قال: فقصصت عليه قصته.

قال: فبكى وقال: هذا أول مولود لي، وكان أبي المهدي ذكر لي زبيدة أن يزوجني بها، فبصرت بهذه المرأة فوقعت في قلبي، وكانت خسيسة فتزوجتها سرًا من أبي، فأولدتها هذا المولود، وأحدرتها إلى البصرة وأعطيتها هذا الخاتم وأشياء، وقلت لها: اكتمي نفسك، فإذا بلغك أني قعدت للخلافة فأتيني، فلما قعدت للخلافة سألت عنهما فقيل لي إنهما ماتا، ولم أعلم أنه باقٍ، فأين دفنته؟ قلت: يا أمير المؤمنين دفنته في قبور عبد الله بن مالك. قال: لي إليك حاجة، إذا كان بعد المغرب فقف لي بالباب حتى أنزل إليك فأخرج متنكرًا إلى قبره.

فوقفت له، فخرج متنكرًا والخدم حوله حتى وضع يده بيدي، وصاح بالخدم فتنحوا، فجئتُ به إلى قبره، فما زال ليلته يبكي إلى أن أصبح ويداه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015