رجعت حبسني في السجن وقيدني، فما زلت في السجن حتى لم يبق في رأسي شعرة سوداء، فأتاني آت في منامي عليه ثياب بياض فقال: يا توبة طال حبسك؟
قلت: أجل.
فقال: يا توبة، قل أسأل الله العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة.
فقلتها ثلاثُا واستيقظت، فقلت: يا غلام هات الدواة والسراج وكتبت هذا الدعاء، ثم إني صليت ما شاء الله أن أصلي، فما زلت أدعو به حتى صليت الصبح، فلما صليت جاء حرسي فضرب باب السجن، ففتحوا له ثم قال: أين التوبة العنبري؟
فقالوا: هذا، فحملوني بقيودي حتى وضعوني بين يدي يوسف وأنا أتكلم به فقال: يا توبة، لقد أطلنا حبسك؟
قلت: أجل.
قال: أطلقوا عنه قيوده وخلوا عنه، فعلمته رجلاً في السجن.
فقال لي صاحبي: لم أُدع إلى العذاب قط فقلتهن إلا خلوا عني، فجيء به يومًا إلى العذاب فجعلت أتذكرهن فلم أذكرهن، حتى جلدني مائه سوط ثم إني ذكرتهن فقلتهن فخلى عني. [موسوعة ابن أبي الدنيا 2/ 143، 144].
* وعن سفيان قال: أُتي زياد برجل فأمر به ليقتل، فلما أحس الرجل بالموت قال: ائذنوا لي أتوضأ وأصلي ركعتين فأموت على توبة، لعلي أنجو من عذاب الله، فقال زياد: دعوه فليتوضأ وليصل ما بدا له، قال: فتوضأ وصلى كأحسن ما يكون، فلما قضى صلاته أُتي به ليُقتل، فقال له زياد: هل استقبلت التوبة؟ قال: أي والذي لا إله غيره، فخلى سبيله. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/ 374].