بطاووس، فجاء فقعد بين يديه، فسلم عليه فلم يجبه، فكلمه فأعرض عنه، ثم عدل إلى الشق الأيسر فأعرض عنه، فلما رأيت ما به قمت إليه فمددت بيده وجعلت أسأله، وقلت له: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، قال: بلى، معرفته به فعل بي ما رأيت، قال: فمضى وهو ساكت لا يقول لي شيئا، فلما دخلت المنزل التفت إليّ فقال لي: يا لكع بينما أنت زعمت أن تخرج عليهم بسيفك لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك. [الحلية (تهذيبه) 2/ 33].
* وعن صالح بن كيسان قال: لما حضر قدوم الوليد أمر عمر بن عبد العزيز عشرين رجلاً من قريش يخرجون معه، فخرجوا فلقوه بالسوَيْداء، فلما دخل إلى المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه، فأخرج الناس منه، فما تُرِكَ فيه أحدٌ، وبقي سعيد بن المسيب رحمه الله ما يجترىء أحد من الحرس أن يخرجه، وما عليه إلا رَيْطتان ما تساويان خمسة دراهم في مصلاه، فقيل له: لو قمت، قال: والله لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كنت أقوم فيه، فقيل له: لو سلمت على أمير المؤمنين، فقال: لا والله لا أقوم إليه.
قال عمر بن عبد العزيز: فجعلت أعدل بالوليد في ناحية المسجد رجاء ألا يرى سعيد بن المسيب حتى يقوم، فحانت من الوليد التفاتة - أو قال: نظرة - إلى القبلة، فقال: من ذلك الجالس؟ أهو الشيخ سعيد بن المسيب؟ فقال عمر: نعم يا أمير المؤمنين، من حاله ومن حاله ... ولو علم مكانك لقام مسلمًا عليك، فدار في المسجد حتى وقف على سعيد بن المسيب، فقال: كيف أنت أيها الشيخ؟ فوالله ما تحرك سعيد ولا قام فقال: بخير والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله؟ فقال الوليد: بخير والحمد الله فانصرف وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس، فقال: أجل يا أمير المؤمنين. [المنتظم 6/ 300، 301].
* وعن عبد الله ابن أخت ابن سيرين أنه كان مع محمد بن سيرين رحمه الله لما وفد إلى ابن هبيرة، فلما قدم عليه قال: السلام عليكم، قال: وكان متكئًا فجلس فقال: كيف خلفت من وراءك؟ قال: خلفت الظلم فيهم فاشيًا، قال: فهمّ به فقال له أبو الزناد: أصلح الله الأمير إنه شيخ، فما زال به حتى سكن،