المجلس، واتَّق الله في أهل الثغور، فإنهم حِصنُ المسلمين، وتفقد أمورَ المسلمين، فإنَّك وحدك المسؤولُ عنهم، واتَّقِ الله فيمن على بابك، فلا تَغْفُل عنهم، ولا تُغْلِقْ دونهم بابَك، فقال له: أفعل، ثم نهض وقام، فقبضَ عليه عبدُ الملك وقال: يا أبا محمد! إنما سألتنا حوائجَ غيرك، وقد قضيناها، فما حاجَتُك؟ قال: مالي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرفُ، هذا وأبيك السُّؤدُدُ. [السير (تهذيبه) 2/ 583].
* وعن علقمة بن مرشد قال: لما ولي عمر بن هبيرة العراق، أرسل إلى الحسن البصري رحمه الله وإلى الشعبي، فأمر لهما ببيت وكانا فيه شهرًا - أو نحوه - ثم إن الخصي غدا عليهما ذات يوم فقال: إن الأمير داخل عليكما، فجاء عمر يتوكأ على عصًا له فسلم، ثم جلس معظمًا لهما، فقال: إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك، ينفذ كتبًا أعرف أن في إنفاذها الهلكة، فإن أطعته عصيت الله، وإن عصيته أطعت الله - عزَّ وجلَّ - فهل تريا لي في متابعتي إياه فرجًا؟
فقال الحسن: يا أبا عمرو أجب الأمير (?)، فتكلم الشعبي فانحط في حبل ابن هبيرة.
فقال: ما تقول أنت يا أبا سعيد؟ فقال: أيها الأمير قد قال الشعبي ما قد سمعت، قال: ما تقول أنت يا أبا سعيد؟.
فقال: أقول يا عمر بن هبيرة، يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله تعالى، فظ غليظ، لا يعصي الله ما أمره، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، يا عمر بن هبيرة، إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك ولا يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله - عزَّ وجلَّ - يا عمر بن هبيرة لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك نظرة مقت، فيغلق بها باب المغفرة دونك، يا عمر بن هبيرة لقد أدركت ناسًا من صدر هذه الأمة، كانوا والله على الدنيا وهي مقبلة، أشد إدبارًا من إقبالكم عليها وهي مدبرة، يا