ب- أن هذا -المصير- كتب عليهم قبل أن يخلقوا وهذا -أيضاً- متفق عليه بين أهل السنة والجماعة ولعل المؤلف نفسه لا ينازع في ذلك، فإن الله تعالى خلق فلاناً وعلم وقدر أنه من أهل النار، أو من أهل الجنة، أي: أنه سيدخلها بسبب هو عمله، كما أنه عز وجل خلق فلاناً وعلم وقدر أنه سيولد له والمعنى أنه سيتزوج ويأتي أهله وتزول الموانع فيقع الحمل ثم الإنجاب.

فكذلك ما ورد: هؤلاء للنار، وهؤلاء للجنة فالمعنى أن الله عز وجل خلق هؤلاء، وقضى وقدر أنهم يعملون في الدنيا بعمل أهل النار فيكونون إلى النار، وأولئك يعملون في الدنيا بعمل أهل الجنة فيكونون من أهل الجنة، وكل ذلك بأسبابه المقدرة.

جـ- اللام في قوله -صلى الله عليه وسلم- للجنة ... للنار..

هل فهم الغزالي أن اللام للتعليل؟ يعني أن الله خلقهم من أجل النار واعتقد أن هذا قد يلزم منه شيء من الجبر؟ ولذلك قال: (نقف أمامها واجمين لنبحث عن تأويل ... ) ، واللام -ها هنا- لا شك أنها ليست للتعليل، بل الذي يظهر لي أن اللام لام الاستحقاق كما في قوله تعالى (ويل للمطففين) ومستحقو النار، إنما استحقوها -قدرا- بما علم الله أنه سيصدر منهم من عمل أهل النار، ثم دخلوها بأعمالهم التي صدرت منهم، وكذلك لو فرضنا أن اللام لام العاقبة أو الصيرورة، كما يقول النحويون كقول الله سبحانه وتعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً) لام (ليكون) لام الصيرورة. كما في قول الشاعر:

لدو للموت وابنوا للخراب ... فكلكم يصير إلى ذهاب

فيكون المعنى أن الله خلق خلقاً يصيرون إلى الجنة، وخلق خلقاً يصيرون إلى النار، ما في الأمر أدنى إشكال.

• الذي وقفت أمامه واجماً، أن المؤلف -غفر الله لنا وله- قال إن متونها تقفنا أمامها واجمين، وفي الموضع نفسه نقل عن أحمد بهجت بالحرف الواحد قوله ( ... لقد خلق الله ناساً هم أهل الجنة وخلق ناساً هم أهل النار ... ) وقبل أن يسوق هذه الكلمة قال (إنها كلمة جميلة) وبعد أن ساقها قال (وهذا كلام صائب حسن الوقع والثمر) ! هل تحسون بفرق بين معنى الحديث وبين معنى الكلمة التي نقلها الشيخ عن أحمد بهجت؟ في الواقع وإن اختلفت الألفاظ اختلافاً يسيراً فإنه ليس ثمة فرق بين اللفظين.

د- قد يقول قائل ما مناسبة الكلمة للقصة؟ يعني قد يقال إن الشيخ استشكل إن الرسول عليه السلام قال إن الله خلق للجنة أهلاً وخلق للنار أهلاً ... الحديث بمناسبة قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015