وإن كان في هذا المقام أمر منه سبحانه لحمده؛ ولكن يدلّ على حمده لذاته إذ إنّه هو الآمر به والمريد له تعالى.

هذا وإن تعلّق الحمد لذاته بوصف رب العالمين ناسب هذا المقام؛ لما أن ربوبيته تعالى للعالمين ـ كما سبق بيانه ـ تقتضي تدبير شؤونهم ورعاية أحوالهم ومصالحهم وتربيتهم بالعدل، ولاشك أنّ هلاك الظالمين الكفرة هو من أعظم ما يكون من تدبير شؤون العالمين ورعاية مصالحهم وإقامة الحق والعدل وتربيتهم عليه وبه؛ فلله الحمد رب العالمين.

لطيفتان:

الأولى: قال الزمخشري (?) في شأن حمد الله لذاته الكريمة ههنا أنه ((إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة؛ وأنه من أجلّ النعم وأجزل القِسَم)) (?) .

والثانية: قال القرطبي فيما عرّضت به هذه الآية: ((وتضمنت هذه الآية الحجة على وجوب ترك الظلم لما يعقب من قطع الدابر إلى العذاب الدائم مع استحقاق القاطع الحمد من كلّ حامد)) (?) .

وبهاتين اللطيفتين يتم الكلام حول هذا الموضع ولله الحمد والمنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015