رقبته رقاع تخفق1 فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة2 فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت3 فيقول: يا رسو الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا فقد أبلغتك" 4.
فقوله عليه الصلاة والسلام لا أملك لك شيئا: أي من المغفرة لأن الشفاعة أمرها إليه فهو كقول إبراهيم عليه السلام: {لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} 5 فلا عذر بعد الإبلاغ منه صلى الله عليه وسلم.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله" 6.
وهذا تعليم منه عليه الصلاة والسلام لأمته وحماية منه لجانب التوحيد، فقد أنكر على أصحابه رضي الله عنهم قولهم ذلك، وإن كان في شيء يقدر عليه في حياته صلى الله عليه وسلم فيكف إذا كان في شيء لا يقدر عليه إلا الله، أو كان بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.
يقول صاحب فتح المجيد: "كره صلى الله عليه وسلم أن يستعمل هذا اللفظ في حقه، وإن كان مما يقدر عليه في حياته، حماية لجناب التوحيد، وسدا لذرائع الشرك، وأدبا وتواضعا لربه، وتحذيرا للأمة من وسائل الشرك في الأقوال