فلما أفاق أعلن توبته لربه تعالى معترفاً بضعفه وعجزه1. قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} 2.
وقد فهم بعض المتكلمين من هذه الآية نفي رؤية المؤمنين لربهم في الدنيا والآخرة، وأن معنى قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} يدل على ذلك، ومن هؤلاء الجهمية والمعتزلة3.
وهذا تحريف لكلام الله عز وجل، وتأويل له بالباطل، والحق أن رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة ثابتة بالآيات الظاهرة والأحاديث المتواترة، قال الله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 4. وقال سبحانه مخبراً عن حال الكفار يوم القيامة: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 5. وقال