عبد الله بن ثعلبة الأزدي:
فلئن عمرتُ لأشفيَ ... نَّ النفسَ من تلك المساعي
ولأعلمنَّ البطن أ ... نَّ الزادَ ليس بمُستطاعِ
أما النهارَ فرائيٌّ ... قومي بمرقبة يفاعِ
في قَرَّة هلكٍ وشو ... كٍ مثلِ أنياب الأفاعي
ترد السباعُ معي فتح ... سبني السباعُ من السباعِ
أخذ أبو تمام هذا المعنى فجوَّده وظرف كلامه بقوله:
أنقَّ مع السباع الماء حتَّى ... لَخالته السباعُ مع السِّباعِ
سُويد بن أبي كاهل:
ذريني أشب عمِّي براحٍ فإنني ... أرى الدهرَ فيه فرجة ومضيقُ
وما أنا إلاَّ كالزمان إذا صحا ... صحوتُ وإن ماق الزمانُ أموقُ
هذا مثل قول بعض الطالبيين:
إذا عقل الدهرُ لم تلقني ... جهولا وأجهلُ إما جَهِلْ
وما الحزم إلاَّ لدى نشوةٍ ... تباكر بالكأس قبل العذَلْ
أخذ هذا الشاعر معنى هذين البيتين في تفسير هذين.
أعرابي:
فلو كنتُ في الدَّار التي تعرفانها ... مرِضتُ إذاً ما غاب عنّي معلِّلي
هنالك لو أنِّي اعتللتُ لعادني ... عوائدُ من لم يأتِ منهن يُرسلِ
هذا مثل قول مالك بن الرَّيب:
وبالرمل منِّي نسوةٌ لو شهدنَني ... بكين وفدَّين الطبيب المداويا
ومثل قول جرير أيضاً:
إن لا يكن لك بالمصرَين باكية ... فرُبَّ باكية بالرَّملِ معوالِ
القتَّال الكلابي:
إذا هبَّتِ الأرواحُ كانَ أحبُّها ... إليَّ التي من نحو نجدٍ هبوبُها
وإنِّي ليدعوني إلى طاعة الهوَى ... كواعبُ أترابٌ مِراض قلوبُها
كأنَّ الشفاه الحوّ منهن حُمِّلتْ ... ذرَى بَرَد ينهلّ عنها غروبُها
بهنَّ من الداء الَّذي أنا عارف ... وما يعرف الأدواء إلاَّ طبيبُها
طُرَيح الثقفيّ:
أصلحتَني بالجود بل أفسدتَني ... وتركتَني أتسخَّطُ الإحسانا
من جاد بعدك كانَ جودُك فوقه ... لا كانَ بعدك كائناً من كانا
أبو محجن الثقفي:
نعاهدُ أطرافَ القنا فنَفِي لها ... إذا لم تُضرَّج من دمٍ أن تُحطَّما
حرامٌ علينا أن نشيمَ سيوفَنا ... ولم تروَ من أعناقِ أعدائنا دَمَا
ومن البيت الأول أخذ بشار قوله:
إذا أُكرهَ الخطّي فينا وفيهم ... جرى ماؤه في لامنا وتحطَّما
وهذا معنى حسن غير متسع في الشعر. والأصل فيه قول الأسعر الجعفي:
وإذا حملتُ حملت غير مهلِّل ... وإذا طعنتُ كسرت رمحي أو مضَى
وأخذه البحتري فجوّد في قوله:
ألْوَى إذا طعنَ المدجّجَ تلَّهُ لي ... ديه أو نثر القناةَ كُعوبَا
وردّه في موضع آخر في صفة السيف فقال:
وكنتَ متى تجمعْ يمينَك تهتِكِ ال ... ضّريبة أو لا تُبق للسيف مضرِبَا
وأخذه أيضاً المَرْيَميُّ في استعارة فقال:
إذا غمزا قناةَ البغي قامتْ ... بأدْنَى الغمزِ أو طارت شظَايا
أُحَيحة بن الجَلاَح الأوسي:
وقد علِمتْ سراةُ الأوسِ أنِّي ... من الفتيانِ أعدلُ لا أميلُ
وقد أعددتُ للحدثان حِصناً ... لو أنَّ المرءَ تنفعُهُ العقولُ
لعمرُ أبيك ما يُغني مكاني ... من الفتيان زِمّيل كسُولُ
فهل من كاهل أودِيْ إليه ... إذا ما كانَ من قدَر نزولُ
يراهنُني فيرْهَنُني بَنيهِ ... وأرهنُهُ بنيَّ بما أقولُ
لما يَدري الفقيرُ متى غناه ... وما يدري الغنيُّ متى يَعيلُ