قال الأصمعيّ: في الفَرس اثنان وعشرون اسماً من أسماء الطَّير: الفَرْخ والهامَة والحرّ والنَّعامة والصُّرَد والسّمامة والفَراش والخشاش والصُّلصل والصَّداة والناهض والحدأة والرَخَم والقَطاة والخطَّاف والنسور والخَرَب والعصفور والدَّجاجة والغراب والذباب والعُقاب؛ فالفرخ من الفَرس الدّماغ والهامة وعاؤه والحرّ وهو ذكر الحمام عروق في أديمه والنَّعامة أمُّ رأسه والصُّرَد عرق في أصل لسانه والسَّمامة من الطَّير شبيهة بالعقعق دائرة في عنقه والفراش دود يطير في اللَّيل أجنحتها شبيهة بالنار يقال لها اليراع وهي أيضاً نار الحُباحب وهو ما دقَّ ورقّ من عظام رأس الدَّابَّة والخشاش وهو الدِّيك عظم خلف أُذنه والصلصل وهو الصداة أصل أُذنه أيضاً والنَّاهض وهو فرخ الصَّقر رأس المنكب والحدأة السالفة والرخم عضل السَّاقين والفخذين والقَطاة مَقعد الرِّدف والخطَّاف موضع عقبي الفرس والنُّسور في باطن الحافر مثل أظلاف الغزال والخرب دائرة في جاعرته والعصفور دائرة بين عينيه والدَّجاجة لحم زَور الفرس والغراب مجمع الوركين والذّباب ناظر العين والعقاب روح الفَرس.

قال الأصمعي: وقد ذكرت الشعراء هذه الأسماء في أشعارها فمن ذلك في الصلصل والعصفور والخطَّاف:

سِبط الصلصل طِرفٌ سابحٌ ... بيِّنُ العصفور والخطَّاف نهدُ

وقال آخر في النَّعامة والفَراش والصُّرَد:

خفيف النَّعامة ذو مَيعةٍ ... كثيف الفراشة صافي الصُّردْ

وقال آخر في الذّباب والجراد:

يزور بنا الجراد إذا أمِنَّا ... ويَرمي بالذّباب إذا نُراعُ

وقال آخر في الحدأة والعُقاب والخَرَب:

طويل الحِدَاة سليم الشَّظَى ... شديد العُقاب عريض الخَرَبْ

وقال آخر في الغراب:

غدَونا بطرفٍ له مَيعةٌ ... متينِ الغراب مُطارٍ طمِرّْ

وقال آخر في الدّيك والسّمامة والحرّ والدّجاجة:

ظاهر الدّيك والسّمامة والحُ ... رّ وثير الدّجاج كالجلمودِ

وقال آخر في الناهض:

حسَن المِشية صافٍ لونُهُ ... مُدمج النَّاهض ذو شدٍّ عَجبْ

وقال آخر في الفرخ والهامة والخشاش:

له منخرٌ رحبٌ وفرخٌ وهامةٌ ... مُلَمْلَمةٌ فوق الخشاش صلودُ

وقال آخر في النسور:

له حافر مثل قعب الوليدِ ... يكِنُّ نُسوراً تُشَظِّي الصُّخورا

وقال آخر في القطاة والصداة:

وقطاة لم يخُنْها متنُهُ ... وصداةٌ تسمعُ الرّكْزَ الخفيَّا

حدَّثنا ابن دريد عن عمّه عن ابن الكلبي قال: حدثني أبو زفير الكلبيّ قال: دخل عديّ بن الرِّقاع العامليُّ على عبد الملك بن مروان وعنده رجلٌ من كلب يقول الشِّعر يقال له شبيل بن الحنبار فقال شبيل: مَن هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا ابن الرِّقاع، قال: الرِّقاع الَّتي تكون في السِّقاء؟ قال: لا، هذا العامليُّ، قال: الَّذي يقول الله عزّ وجلّ:) عاملةٌ ناصبةٌ تصلَى ناراً حاميةً (فضحك عبد الملك ثمَّ قال لابن الرِّقاع: أنشدْني فأنشده شعراً شبَّه نفسه فيه بالحيَّة:

نشَا مُستسرّاً بينَ هضبٍ هشيمةٍ ... وبينَ حَبارٍ عُدْمُلِيٍّ تهدَّما

إذا اكتحلتْ عينُ البصيرِ برأيهِ ... بدَاه بذعرٍ قبل أن يتهضَّما

أسلّ سماويٌّ كأنَّ لسانَه ... أُسِفَّ سواديّاً من الكُحل أسحما

إذا خافَ خوفاً أضمرتْه بلادُهُ ... كما يُضْمر الصَّدرُ الحديثَ المُكتَّما

فاعترض عليه شبيل فقطع شعره فقال:

لك الويلُ هلاَّ كنتَ شبلاً لأجْفَر ... تشبَّهتَ أو ليثاً بخفَّانَ ضَيغما

فشبَّهتَ ما لا يرفع الدَّهرَ بطنَه ... عن الأرضِ إلاَّ ما حبَا وتقحَّما

فقال ابن الرِّقاع:

وفي النَّاس أشباه كثير ولم أكنْ ... لأُشبِه شرّاً من شبيل وألأما

تشبَّهتُ ما لو عضَّ شبلَ بن حنبر ... لظلَّ شبيل يسلَح الماء والدَّما

فانقطع شبيل وغلبه ابن الرِّقاع.

أعرابيّ:

سرتْ نحوِي عقاربُهُ وليستْ ... بضائرةِ الدَّبيب ولا السّمامِ

ليبعَثَني على عِرضٍ حلالٍ ... وأبعثَهُ على عرضٍ حرامِ

من هذا أخذ عليّ بن الجهم قوله في ابن أبي حفصة:

بلاءٌ ليس يُشبهه بلاءٌ ... عداوةُ غيرِ ذي حسبٍ ودِينِ

يُبيحُك منه عِرضاً لم يصنْهُ ... ويرتعُ منك في عرضٍ مَصونِ

وقريب منه قول الآخر:

ثالَبَني عمرٌو وثالبتُه ... فأُثِّمَ المثلوبُ والثَّالبُ

قلتُ له خيراً وقال الخَنا ... كلٌّ على صاحبِهِ كاذبُ

جحظة قال: قال لي بعض إخواني: رأيت إنساناً يشتم مخنَّثاً أقبح الشَّتم والمخنَّث يُجيبه من المدح والتفضيل له بأحسن ما يكون، فلمَّا طال الأمر بينهما التفت المخنَّث فقال لي: يكذب - وحياتك - عليَّ وأكذبُ عليه، فضحكت سائر يومي من قوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015