لعمري لئنْ أمسَى يزيد بن نهشلٍ ... حَشا جَدَثٍ تسفِي عليه الرَّوائحُ
لقد كانَ ممَّن يبسطُ الكفَّ بالنَّدَى ... إذا ضنَّ بالخير الأكُفُّ الشَّحائحُ
إذا ابتدَرَ البابَ المَهيبَ رأيتَهُ ... يَدِنُّ جَنابَيه الكهولُ الجحاجحُ
فبعدك أبدَى ذو الضَّغينة ضِغنَهُ ... وسدَّ ليَ الطَّرفَ العيونُ الكواشحُ
ذكرتُ الَّذي ماتَ النَّدَى عند موتِهِ ... بعاقبةٍ إذ صالحُ العيش طالحُ
إذِ العيشُ لم يكدَرْ عليَّ ولم يمتْ ... يزيدُ وإذْ لِي ذو العداوة ناصِحُ
وعافتْ عليَّ النَّومَ عينٌ مريضةٌ ... إذا أُشربَ النَّومَ العيونُ الصَّحائحُ
إذا جمدتْ عنك العيونُ وحادَرَتْ ... فيَبكيك من عينيَّ دمعٌ مُسامحُ
إذا أرَقِي أفنَى من اللَّيل ما مضَى ... تمطَّى به ثِنْيٌ من اللَّيل جانِحُ
ليَبْكِ يزيدَ ضارعٌ لخصومة ... ومُستنبحٌ في أوَّل اللَّيل طائِحُ
ولعبد الرَّحمن بن حسَّان الكلابيّ:
كأنَّ العين حين تُريد نَوما ... طريفٌ أو بفُلْفُلة كَحيلُ
أعاذلَ أقصِري عن بعض لَومي ... فإنَّ اللَّومَ محمِلُهُ ثقيلُ
وقُولي لا ألومُكَ أو تنحَّى ... وقد يُعصَى وإن نصحَ العَذولُ
أعاذلَ إنَّ صبْرِي عن عمير ... لَتَجميلٌ وما ذهبَ الغَليلُ
إذا وطَّنتُ جأشي للتَّعَزِّي ... أبَى الذِكِراتُ والعينُ الهمولُ
رأينا مَن تقاسمُهُ المنايا ... يُضامُ ولا يُفاداهُ قَتيلُ
فصبراً يا عُمَيْرُ فكلُّ قوم ... سيسلبهُم كريمهمُ السَّبيلُ
وقولِي غيرَ كاذبةٍ رُزئنا ... فتَى صدقٍ إذا برَدَ الأصيلُ
لأمَّمتُ النَّدَى وطَلَعتَ فيه ... ثنايا الطَّالعونَ لها قليلُ
وركبٍ قد هوَوْا لك بعد ركبٍ ... تلفُّهم شآميَّةٌ بَليلُ
تخطَّوْا نحو نارك كلَّ نارٍ ... ووجهُك والنَّدَى لهمُ دليلُ
إلى رَحب الفِناء نَدٍ نَجيبٍ ... كأنَّ جبينَهُ سيفٌ صقيلُ
أغرّ تُفرِّجُ الغَمَّاءَ عنه ... إمامتُهُ الكريمةُ والرَّحيلُ
يزينُ الرَّكبَ حين يكون فيهم ... ويحمَدُهُ المُرافقُ والخَليلُ